حكاية علاء الدين أبي الشامات ( الجزء السادس)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊.إن الدراويش قالوا لعلاء الدين: والله إنا كنا خائفين عليك وما منعنا إلا قصر أيدينا عن الدراهم فقال لهم : قد أتاني الفرج القريب من ربي وقد أرسل لي والدي خمسين ألف دينار وخمسين حملاً من القماش ثمن كل حمل ألف دينار وبدلة وكرك سمور وبغلة وعبداً وطشتاً وإبريقاً من الذهب ووقع الصلح بيني وبين نسيبي وطابت لي زوجتي والحمد لله على ذلك، ثم إن الخليفة قام يزيل ضرورة فمال الوزير جعفر على علاء الدين وقال له: الزم الأدب فإنك في حضرة أمير المؤمنين، فقال له: أي شيء وقع مني من قلة الأدب في حضرة أمير المؤمنين، ومن هو أمير المؤمنين منكم ؟ فقال له: إنه الذي كان يكلمك وقام يزيل الضرورة هو أمير المؤمنين الخليفة هارون الرشيد وأنا الوزير جعفر البرمكي وهذا مسرور سياف نقمته وهذا أبو نواس الحسن بن هانئ فتأمل بعقلك يا علاء الدين وانظر مسافة كم يوم في السفر من مصر إلى بغداد ، فقال له الخمسة والأربعين يوماً فقال له: إن حمولك نهبت منذ عشرة أيام فقط فكيف يروح الخبر لأبيك ويجزم لك الأحمال وتقطع مسافة خمسة وأربعين يوماً في العشرة أيام؟ فقال له: يا سيدي ومن أين أتاني هذا ؟ فقال له: من عند الخليفة أمير المؤمنين بسبب فرط محبته لك فبينما هما في هذا الكلام وإذا بالخليفة قد أقبل فقام علاء الدين وقبل الأرض بين يديه وقال له: الله يحفظك يا أمير المؤمنين ويديم بقاءك ولا عدم الناس فضلك وإحسانك. فقال: يا علاء الدين خل زبيدة تعمل لنا نوبة حلاوة السلامة فعملت النوبة على العود من غرائب الموجود إلى أن طرب لها الحجر الجلمود وصباح العود في الحضرة يا داود فباتوا على أسر حال إلى الصباح فلما أصبحوا قال الخليفة لعلاء الدين: في غد اطلع الديوان ، فقال له: سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين إن شاء الله تعالى وأنت بخير ثم إن علاء الدين أخذ عشرة أطباق ووضع فيها هدية سنية وطلع بها الديوان في ثاني يوم فبينما الخليفة قاعد على الكرسي في الديوان وإذا بعلاء الدين مقبل من باب الديوان وهو ينشد هذين البيتين:
تصحبك السعادة كـل يوم ***
بإجلال على رغم الحسود .
بإجلال على رغم الحسود .
ولا زالت الأيام لك بيضاً ***
وأيام الذي عاداك سود .
وأيام الذي عاداك سود .
فقال له الخليفة: مرحباً يا علاء الدين، فقال له علاء الدين: يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهدية وهذه عشرة أطباق وما فيها هدية مني إليك فقبل منه ذلك أمير المؤمنين وأمر له بخلعة سنية وجعله شاه بندر وأقعده في الديوان. فبينما هو جالس وإذا بنسيبه أبي زبيدة مقبل فوجد علاء الدين جالساً في رتبته وعليه خلعة فقال لأمير المؤمنين: يا ملك الزمان لأي شيء هذا جالس في رتبتي وعليه هذه الخلعة ؟ فقال له الخليفة: إني جعلته شاه بندر التجار والمناصب تقليد لا تخليد وأنت معزول ، فقال له: إنه منا وإلينا ونعم ما فعلت يا أمير المؤمنين الله يجعل خيارنا أولياء أمورنا وكم من صغير صار كبيراً، ثم إن الخليفة كتب فرماناً لعلاء الدين وأعطاه للوالي والوالي أعطاه للمشاعل ونادى في الديوان: ما شاه بندر التجار إلا علاء الدين أبو الشامات وهو مسموع الكلمة محفوظ الحرمة يجب له الإكرام والاحترام ورفع المقام. فلما انفض الديوان نزل الوالي بالمنادي بين يدي علاء الدين وصار المنادي يقول: ما شاده بندر التجار إلا سيدي علاء الدين أبو الشامات، فلما أصبح الصباح فتح دكاناً للعبد وأجلسه فيه يبيع ويشتري وأما علاء الدين فإنه كان يركب ويتوجه إلى مرتبته في ديوان الخليفة ، فاتفق أنه جلس في مرتبته يوماً على عادته فبينما هو جالس وإذا بقائل يقول للخليفة: يا أمير المؤمنين تعيش رأسك في فلان النديم فإنه توفي إلى رحمة الله تعالى وحياتك الباقية فقال الخليفة: أين علاء الدين أبو الشامات؟ فحضر بين يديه فلما رآه خلع عليه خلعة سنية وجعله نديمه وكتب له جامكية ألف دينار في كل شهر وأقام عنده يتنادم معه فاتفق أنه كان جالساً يوماً من الأيام في مرتبته على عادته في خدمة الخليفة وإذا بأمير المؤمنين طالع إلى الديوان بسيف وترس وقال: يا أمير المؤمنين يعيش رأسك رئيس الستين فإنه مات في هذا اليوم فأمر الخليفة لعلاء الدين أبي الشامات وجعله رئيس الستين مكانه وكان رئيس الستين لا ولد له ولا زوجة فنزل علاء الدين ووضع يده على ماله وقال الخليفة لعلاء الدين: واره في التربا وخذ جميع ما تركه من مال وعبيد وجوار وخدم ، ثم نفض الخليفة المنديل وانفض الديوان فنزل علاء الدين وفي ركابه المقدم أحمد الدنف مقدم ميمنة الخليفة هو وأتباعه الأربعون وفي يساره المقدم حسن شومان مقدم ميسرة الخليفة وأتباعه الأربعون، فالتفت علاء الدين وقال لهم: أنتم سياق على المقدم أحمد الدنف لعله يقبلني ولده في عهد الله فقبله وقال له: أنا واتباعي نمشي قدامك إلى الديوان في كل يوم، ثم إن علاء الدين مكث في خدمة الخليفة مدة أيام، فاتفق أن علاء الدين نزل من الديوان يوماً من الأيام وسار إلى بيته وصرف أحمد الدنف ومن معه في سبيلهم، ثم جلس مع زوجته زبيدة العودية وقد أوقدت الشموع وبعد ذلك قامت تزيل ضرورة، فبينما هو جالس في مكانه إذ سمع صرخة عظيمة فقام مسرعاً لينظر الذي صرخ فرأى صاحب الصرخة زبيدة العودية وهي مطروحة فوضع يده على صدرها فوجدها ميتة وكان بيت أبيها قدام بيت علاء الدين فسمع صرختها فقال لعلاء الدين: ما الخبر يا سيدي علاء الدين؟ فقال له: يعيش رأسك يا والدي في بنتك زبيدة العودية ولكن ياوالدي إكرام الميت دفنه، فلما أصبح الصباح واروها التراب وصار علاء الدين يعزي أباها وأباها يعزيه. هذا ما كان من أمر زوجته، وأما ما كان من أمر علاء الدين فإنه لبس ثياب الحزن وانقطع عن الديوان وصار باكي العين حزين القلب فقال الخليفة لجعفر: يا وزيري ما سبب انقطاع علاء الدين عن الديوان؟ فقال له الوزير: يا أمير المؤمنين إنه حزين القلب على زوجته زبيدة ومشغول بعزائها فقال الخليفة للوزير: واجب علينا أن نعزيه ، فقال الوزير: سمعاً وطاعة ثم نزل الخليفة هو والوزير وبعض الخدم وتوجهوا إلى بيت علاء الدين فبينما هو جالس وإذا بالخليفة والوزير معهما مقبلون عليه فقام لملتقاهم وقبل الأرض بين يدي الخليفة فقال له: عوضك الله خيراً ؟ فقال علاء الدين: أطال الله لنا بقاءك يا أمير المؤمنين فقال له الخليفة: يا علاء الدين ما سبب انقطاعك عن الديوان ؟ فقال له: حزني على زوجتي زبيدة يا أمير المؤمنين فقال له الخليفة ادفع الهم عن نفسك فإنها ماتت إلى رحمة الله تعالى والحزن عليها لا يفيدك شيئاً أبداً ، فقال: يا أمير المؤمنين أنا لا أترك الحزن عليها إلا إذا متُّ ودفنوني عندها، فقال له الخليفة: إن في الله عوضاً من كل فائت ولا يخلص من الموت حيلة ولا مال، ولله در من قال: ابيات شعر عن الموت
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته***
يوماً على آلة حدباء محمـول .
يوماً على آلة حدباء محمـول .
وكيف يلهو بعيش أو يلـذ لـه ***
من التراب على حديه جعول .
من التراب على حديه جعول .
و لما فرغ الخليفة من تعزيته أوصاه أنه لا ينقطع عن الديوان وتوجه إلى محله وبات علاء الدين، ولما أصبح الصباح ركب وسار إلى الديوان فدخل على الخليفة وقبل الأرض بين يديه فتحرك له الخليفة من على الكرسي ورحب به وحياه وأنزله في منزلته وقال له: يا علاء الدين أنت ضيفي في هذه الليلة، ثم دخل به سرايته ودعا بجارية تسمى قوت القلوب وقال لها: إن علاء الدين كان عنده زوجة تسمى زبيدة العودية وكانت تسليه عن الهم والغم فماتت إلى رحمة الله تعالى ومرادي أن تسمعيه نوبة على العود من غرائب الموجود لأجل أن يتسلى عن الهم والأحزان، فقامت الجارية وعملت نوبة من الغرائب فقال الخليفة: ما تقول يا علاء الدين في صوت هذه الجارية ؟ فقال له: إن زبيدة أحسن صوتاً منها إلا أنها صاحبة صناعة في ضرب العود لأنها تطرب الحجر الجلمود فقال له: هل هي أعجبتك؟ فقال له: أعجبتني يا أمير المؤمنين فقال الخليفة: وحياة رأسي وتربة جدودي أنها هبة مني إليك هي وجواريها فظن علاء الدين أن الخليفة يمزح معه فلما أصبح الخليفة دخل على جاريته قوت القلوب، وقال لها: أنا وهبتك لعلاء الدين ففرحت بذلك لأنها رأته وأحبته ثم تحول الخليفة من قصر السرايا إلى الديوان ودعا بالحمالين وقال لهم: انقلوا أمتعة قوت القلوب وحطوها في التختروان هي وجواريها إلى بيت علاء الدين فنقلوها هي وجواريها وامتعتها وأدخلوها القصر وجلس الخليفة في مجلس الحكم إلى آخر النهار، ثم انفض الديوان ودخل قصره. هذا ما كان من أمره. و أما ما كان من أمر قوت القلوب فإنها لما دخلت قصر علاء الدين هي وجواريها وكانوا أربعين جارية غير الطواشية، قالت لاثنين من الطواشية: أحدكما يقعد على كرسي في ميمنة الباب والثاني يقعد على كرسي في ميسرته وحين يأتي علاء الدين قبلا يديه وقولا له: إن سيدتنا قوت القلوب تطلبك إلى القصر فإن الخليفة وهبها لك هي وجواريها فقالا: سمعاً وطاعة ثم فعلا ما أمرتهما به فلما أقبل علاء الدين وجد اثنين من طواشية الخليفة جالسين بالباب فاستغرب الأمر وقال في نفسه: لعل هذا ما هو بيتي وإلا فما الخبر؟ فلما رأته الطواشية قاموا إليه وقبلوا يديه ، وقالوا: نحن من أتباع الخليفة ومماليك قوت القلوب وهي تسلم عليك وتقول لك أن الخليفة قد وهبها لك هي وجواريها وتطلبك عندها. فقال لهم: قولوا لها: مرحبا بك ولكن ما دمت عنده ما يدخل القصر الذي أنت فيه لأن ما كان للمولى لا يصلح أن يكون للخدام وقولا لها: ما مقدار مصروفك عند الخليفة في كل يوم؟ فطلعوا إليها وقالوا لها ذلك فقالت: كل يوم مائة دينار فقال لنفسه أنا ليس لي حاجة بأن يهب لي الخليفة قوت القلوب حتى أصرف عليها هذا المصروف ولكن لا حيلة في ذلك ، ثم إنها أقامت عنده مدة أيام وهو مرتب لها في كل يوم مائة دينار إلى أن انقطع علاء الدين عن الديوان يوماً من الأيام فقال الخليفة للوزير جعفر: أنا ما وهبت قوت القلوب لعلاء الدين إلا لتسليته عن زوجته، وما سبب انقطاعه؟ فقال جعفر: لعله ما قطعه عنا إلا عذر ولكن نحن نزوره وكان قبل ذلك بأيام قال علاء الدين للوزير: أنا شكوت للخليفة ما أجده من الحزن على زوجتي زبيدة العودية فوهب لي قوت القلوب. فقال له الوزير: لولا أنه يحبك ما وهبها لك وهل دخلت بها يا علاء الدين؟ فقال: لا والله لا أعرف لها طولاً من عرض فقال له: ما سبب ذلك؟ فقال: يا وزير الذي يصلح للمولى لا يصلح للخدام . ثم إن الخليفة وجعفر اختفيا وسارا لزيارة علاء الدين ولم يزالا سائرين إلى أن دخلا على علاء الدين فعرفهما وقام وقبل يد الخليفة فلما رآه الخليفة وجد عليه علامة الحزن فقال له: يا علاء الدين ما سبب هذا الحزن الذي أنت فيه أما دخلت على قوت القلوب؟ فقال: يا أمير المؤمنين الذي يصلح للمولى لا يصلح للخدام وإني إلى الآن ما دخلت عليها ولا أعرف لها طولاً من عرض فأقلني منها فقال الخليفة: إن مرادي الإجتماع بها حتى أسألها عن حالها فقال علاء الدين: سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين فدخل عليها الخليفة.
إلى اللقاء فموعدنا الجزء السابع من حكاية علاء الدين أبي الشامات
لا تنسوا متابعة المدونة و تشرفنا بتعليق بجمال أرواحكم.
إلى اللقاء فموعدنا الجزء السابع من حكاية علاء الدين أبي الشامات
لا تنسوا متابعة المدونة و تشرفنا بتعليق بجمال أرواحكم.
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم