السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
حكاية علاء الدين ابي الشامات (الجزء التاسع )
ان أصلان طلع من عند أمه وسار إلى أن دخل على المقدم أحمد الدنف وقبل يده، فقال له: ما لك يا أصلان؟ فقال له: إني عرفت وتحققت من أن أبي علاء الدين أبي الشامات ومرادي أنك تأخذ لي ثأري من قاتله فقال له: من الذي قتل أباك؟ فقال له: أحمد قماقم السراق، فقال له: ومن أعلمك بهذا الخبر؟ فقال له: رأيت معه المصباح الجوهري الذي ضاع من جملة أمتعة الخليفة وقلت له أعطني هذا المصباح فما رضي وقال لي: هذا راحت على شأنه الأرواح وحكى لي أنه هو الذي نزل وسرق الأمتعة ووضعها في دار أبي فقال له أحمد الدنف: إذا ما رأيت الأمير خالد يلبس ثياب الحرب فقل له: ألبسني مثلك فإذا طلعت معه وأظهرت باباً من أبواب الشجاعة قدام أمير المؤمنين فإن الخليفة يقول لك تمن علي يا أصلان فقل له أتمنى عليك أن تأخذ ثأر أبي من قاتله فيقول لك أباك حي وهو الأمير خالد فقل له: إن أبي علاء الدين أبي الشامات وخالد الوالي له علي حق التربية فقط وأخبره بجميع ما وقع بينك وبين أحمد قماقم السراق وقل له: يا أمير المؤمنين أؤمر بتفتيشه وأنا أخرجه من جيبه فقال له: سمعاً وطاعة.
ثم طلع أصلان فوجد الأمير خالد يتجه إلى طلوعه ديوان الخليفة فقال له: مرادي أن تلبسني لباس الحرب مثلك وتأخذني معك إلى ديوان الخليفة فألبسه وأخذه معه إلى الديوان ونزل الخليفة بالعسكر خارج البلد ونصبوا الصواوين والخيام واصطفت الصفوف وطلع بالأكرة والصولجان معهم فصار الفارس يضرب الأكرة وبالصولجان فيردها عليه الفارس الثاني وكان بين العسكر واحد جاسوس مغري على قتل الخليفة فأخذ الأكرة وضربها بالصولجان وحررها على وجه الخليفة وإذا بأصلان استلقاها عن الخليفة وضرب بها راميها فوقعت بين أكتافه فوقع على الأرض فقال الخليفة: بارك الله فيك يا أصلان. ثم نزلوا على ظهور الخيل وقعدوا على الكراسي وأمر الخليفة بإحضار الذي ضرب الأكرة فلما حضر بين يديه قال له: من أغراك على هذا الأمر وهل أنت عدو أم حبيب؟ فقال له: أنا عدو وكنت مضمر قتلك فقال: ما سبب ذلك أما أنت مسلم؟ فقال: لا وإنما أنا رافضي فأمر الخليفة بقتله وقال لأصلان: تمن علي فقال له: أتمنى عليك أن تأخذ لي ثأر أبي من قاتله فقال له: إن أباك حي وهو واقف على رجليه فقال أصلان: من هو أبي؟ فقال الخليفه: الأمير خالد الوالي فقال له: يا أمير المؤمنين ما هو أبي إلا في التربية وما والدي إلا علاء الدين أبي الشامات. فقال له: إن أباك كان خائناً فقال: يا أمير المؤمنين حاشا أن يكون الأمين خائناً وما الذي خانك فيه؟ فقال: سرق بدلتي وما معها فقال: يا أمير المؤمنين حاشا أن يكون أبي خائناً ولكن يا سيدي لما عدمت بدلتك وعادت إليك هل رأيت المصباح رجع إليك أيضاً؟ فقال: ما وجدناه فقال أنا رأيته مع أحمد قماقم السراق وطلبته منه فلم يعطني إياه وقال: هذا راحت عليه الأرواح وحكى لي عن ضعف حبظلم بظاظة ابن الأمير خالد الوالي وعشقه للجارية ياسمين وخلاصه من القيد وأنه هو الذي سرق البدلة والمصباح وأنت يا أمير المؤمنين تأخذ لي بثأر والدي من قاتله فقال الخليفة: اقبضوا على أحمد قماقم فقبضوا عليه وقال: أين المقدم أحمد الدنف فحضر بين يديه فقال الخليفة: فتش قماقم فحط يديه في جيبه فأطلع منه المصباح الجوهر. فقال الخليفة: تعال يا خائن من أين لك هذا المصباح؟ فقال اشتريته يا أمير المؤمنين، فقال الخليفة: من أين اشتريته ومن يقدر على مثله حتى يبيعه لك؟ وضربوه فأقر أنه هو الذي سرق البدلة والمصباح فقال له الخليفة: لأي شيء تفعل هذه الفعال يا خائن حتى ضيعت علاء الدين أبا الشامات وهو الثقة الأمين؟ ثم أمر الخليفة بالقبض عليه وعلى الوالي فقال الوالي: يا أمير المؤمنين أنا مظلوم وأنت أمرتني بشنقه ولم يكن عندي خبر بهذا الملعوب، فإن التدبير كان بين العجوز وأحمد قماقم وزوجتي وليس عندي خبر وأنا في جيرتك يا أصلان فتشفع فيه أصلان عند الخليفة، ثم قال أمير المؤمنين ما فعل الله بأم هذا الولد فقال له: عندي فقال: أمرتك أن تأمر زوجتك أن تلبسها بدلتها وصيغتها وتردها إلى سيادتها، وان تفك الختم الذي على بيت علاء الدين وتعطي ابنه رزقه وماله، فقال: سمعاً وطاعة. ثم نزل الوالي وأمر امرأته فألبستها بدلتها وفك الختم عن بيت علاء الدين وأعطى أصلان المفاتيح، ثم قال الخليفة: تمن علي يا أصلان فقال له: تمنيت عليك أن تجمع شملي بأبي فبكى الخليفة وقال: الغالب أن أباك هو الذي شنق ومات ولكن وحياة جدودي كل من بشرني بأنه على قيد الحياة أعطيته جميع ما يطلبه فتقدم أحمد الدنف وقبل الأرض بين يديه وقال له: أعطني الأمان يا أمير المؤمنين فقال له: عليك الأمان. فقال: أبشرك أن علاء الدين أبا الشامات، الثقة الأمين طيب على قيد الحياة فقال له: ما الذي تقوله؟ فقال له: وحياة رأسك إن كلامي حق وفديته بغيره ممن يستحق القتل وأوصلته إلى الإسكندرية، وفتحت له دكان سقطي فقال الخليفة: ألزمتك أن تجيء به. فقال سمعاً وطاعة فأمر الخليفة بعشرة آلاف دينار، وسار متوجهاً إلى الإسكندرية. هذا ما كان من أمر أصلان. و أما ما كان من أمر والده علاء الدين أبي الشامات فإنه باع ما كان في الدكان كله جميعه ولم يبق في الدكان إلا القليل وجراب قديم، فنفض الجراب فنزلت منه خرزة تملأ الكف في سلسلة من الذهب ولها خمسة وجوه وعليها أسماء وطلاسم كدبيب النمل فدعك الخمسة وجوه فلم يجاوبه أحد فقال في نفسه: لعلها خرزة من جزع ثم علقها في الدكان وإذا بقنصل فائت في الطريق فرفع بصره فرأى الخرزة معلقة على دكان علاء الدين وقال له: يا سيدي هل هذه الخرزة للبيع فقال له جميع ما عندي للبيع فقال له: أتبيعني إياها بثمانين ألف دينار؟ فقال علاء الدين: يفتح الله فقال له: أتبيعها بمائة ألف دينار؟ فقال: بعتها لك بمائة ألف دينار فانقدني الدنانير، فقال له القنصل: ما أقدر أن أحمل ثمنها معي والإسكندرية فيها حرامية وشرطية فأنت تروح معي إلى مركبي وأعطي لك الثمن ورزمة صوف أنجوري ورزمة أطلس ورزمة قطيفة ورزمة خوخ، فقام علاء الدين وقفل الدكان بعد أن أعطاه الخرزة وأعطى المفاتيح لجاره وقال له: خذ هذه المفاتيح عندك أمانة حتى أروح إلى المركب مع هذا القنصل وأجيء بثمن خرزتي فإن عوقت عنك وورد المقدم أحمد الدنف الذي كان وطنني في هذا المكان فأعطه المفاتيح وأخبره بذلك. ثم توجه مع القنصل إلى المركب فلما نزل به الى المركب نصب له كرسياً وأجلسه عليه وقال: هاتوا المال: فدفع الثمن والخمس رزم التي وعده بها، وقال له: يا سيدي أقصد جبري بلقمة أو شربة ماء فقال: إن كان عندك ماء فاسقني فأمر بالشرابات فإذا فيها بنج فلما شرب انقلب على ظهره، فرفعوا الكراسي وحطوا المداري وحلوا القلوع وأسعفته الرياح حتى وصلوا إلى وسط البحر فأمر القبطان بطلوع علاء الدين من الطنبر فطلعوه وشمموه ضد البنج ففتح عينيه وقال: أين أنا؟ فقال له: أنت معي مربوط وديعة ولو كنت تقول يفتح الله لكنت أزيدك فقال له علاء الدين: ما صناعتك؟ فقال له: أنا قبطان ومرادي أن آخذك إلى حبيبة قلبي، فبينما هما في الكلام وإذا بمركب فيها أربعون من تجار المسلمين فطلع القبطان بمركبه عليهم ووضع الكلاليب في مراكبهم ونزل هو ورجاله فنهبوها وأخذوها وساروا بها إلى مدينة جنوة فأقبل القبطان الذي معه علاء الدين إلى باب قصر قيطون وإذا بصبية نازلة وهي ضاربة لثاماً فقالت له: هل جئت بالخرزة وصاحبها ؟ فقال لها: جئت بهما فقالت له: هات الخرزة فأعطاها لها وتوجه إلى الميناء وضرب مدافع السلامة فعلم ملك المدينة بوصول ذلك القبطان، فخرج إلى مقابلته وقال له: كيف كانت سفرتك؟ فقال له: كانت طيبة جداً وقد كسبت فيها مركباً واحداً وأربعون من تجار المسلمين، فقال له: أخرجهم إلى المدينة فأخرجهم في الحديد ومن جملتهم علاء الدين. وركب الملك هو والقبطان وأمشوهم قدامهم إلى أن وصلوا إلى الديوان وقدموا أول واحد. فقال له الملك من أين يا مسلم فقال من الإسكندرية فقال يا سياف اقتله فرمى رقبته والثاني والثالث هكذا إلى تمام الأربعين وكان علاء الدين في آخرهم فشرب حسرتهم، وقال لنفسه رحمة الله عليك يا علاء الدين فرغ عمرك فقال له الملك وأنت من أي البلاد، فقال من الإسكندرية فقال السياف ارم عنقه فرفع السياف يده بالسيف وأراد أن يرمي رقبة علاء الدين وإذا بعجوز ذات هيبة تقدمت بين أيادي الملك فقام إليها تعظيماً لها. فقالت يا ملك الزمان أما قلت لك لما يجيء القبطان بالأسارى تذكر الدير بأسيرين يخدمان في الكنيسة فقال لها: يا أمي ليتك سبقت بساعة ولكن خذي هذا الأسير الذي بقي. فالتفتت إلى علاء الدين وقالت له: هل أنت تخدم في الكنيسة أو أخلي الملك يقتلك فقال لها أنا أخدم في الكنيسة فأخذته وطلعت به من الديوان وتوجهت إلى الكنيسة فقال لها علاء الدين: ما أعمل من الخدمة فقالت له: تقوم في الصبح وتأخذ خمسة بغال وتسير بها إلى الغابة وتقطع ناشف الحطب وتكسره وتجيء به إلى مطبخ الدير وبعد ذلك تلم البسط وتكنس وتمسح البلاط وترد الفرش مثل ما كان وتأخذ نصف إردب قمح وتغربله وتطحنه وتعمله منينات للدير وتأخذ وجبة عدس تغربلها وتدشها وتطبخها ثم تملأ الأربع فساقي ماء وتحول بالبرميل وتملأ ثلثمائة وست وستين قصعة وتفت فيها المنينات وتسقيها من العدس وتدخل لكل راهب أو بطريق قصعته فقال لها علاء الدين رديني إلى الملك وخليه يقتلني أسهل لي من هذه الخدمة فقالت له إن خدمت ووفيت الخدمة التي عليك خلصت من القتل وإن لم توف خليت الملك يقتلك فقعد علاء الدين حامل الهم وكان في الكنيسة عشر عميان مكسحين فقال له واحد منهم هات لي قصرية فأتى له فتغوط فيها وقال له ارم الغائط فرماه فقال له يبارك فيك المسيح يا خدام الكنيسة وإذا بالعجوز أقبلت وقالت له لأي شيء ما وفيت الخدمة في الكنيسة، فقال لها: أنا لي كم يد على عمل هذه الخدمة، فقالت له: يا مجنون أنا ما جئت بك للخدمة ثم قالت له: خذ يا ابني هذا القضيب وكان من النحاس وفي رأسه صليب واخرج إلى الشارع فإذا قابلك والي البلد فقل له أني أدعوك إلى خدمة الكنيسة من أجل السيد المسيح فإنه لا يخالفك فخليه يأخذ القمح ويغربله ويطحنه وينخله ويخبزه منينات وكل من يخالفك اضربه ولا تخف أحد، فقال سمعاً وطاعة وعمل كما قالت ولم يزل يسخر الأكابر والأصاغر مدة سبعة عشر عاماً فبينما هو قاعد في الكنيسة وإذا بالعجوز داخلة عليه فقال له: اطلع إلى خارج الدير. فقال لها: أين أروح فقالت له: بت هذه الليلة في خمارة أو عند واحد من أصحابك فقال لها: لأي شيء تطرديني من الكنيسة فقالت له ان حسن مريم بنت الملك يوحنا ملك هذه المدينة مرادها أن تدخل الكنيسة للزيارة، ولا ينبغي أن تقعد في طريقها فامتثل كلامها وقام وأراها أنه رائح إلى خارج الكنيسة وقال في نفسه: يا هل ترى بنت الملك مثل نسائنا أو أحسن منهن فأنا لا أروح حتى أتفرج عليها فاختفى في مخدع له طاقة تطل على الكنيسة. فبينما هو ينتظر في الكنيسة وإذا ببنت الملك مقبلة، فنظر إليها نظرة أعقبته ألف حسرة لأنه وجدها كأنها البدر إذا بزغ من تحت الغمام وصحبتها صبية. الى اللقاء في الجزء العاشر
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم