حكاية علاء الدين أبي الشامات ( الجزء الثالث )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊..إن علاء الدين والعكام لما أمروا العبيد أن يحملوا البغال ودعوا شاه بندر التجار والد علاء الدين وساروا حتى خرجوا من المدينة وكان محمود البلخي تجهز للسفر إلى جهة بغداد، وأخرج حمولته ونصب صواوينه خارج المدينة وقال في نفسه : ما تحظى بهذا الولد إلا في الخلاء لأنه لا واشي ولا رقيب يعكر عليك وكان لأب الولد ألف دينار عند محمود البلخي بقية معاملة فذهب إليه وودعه وقال له: أعط الالف دينار لولدي علاء الدين و أوصاه عليه وقال: إنه مثل ولدك، فاجتمع علاء الدين بمحمود الذي قدم لعلاء الدين المأكل والمشرب هو وجماعته، ثم توجهوا للسفر وكان للتاجر محمود البلخي أربعة بيوت واحد في مصر وواحد في الشام وواحد في حلب وواحد في بغداد ولم يزالوا مسافرين في البراري والقفار حتى أشرفوا على الشام فأرسل محمود عبده إلى علاء الدين فرآه قاعداً يقرأ فتقدم وقبل يديه فقال: ما تطلب؟ فقال له: سيدي يسلم عليك ويطلبك لعزومتك في منزله، فقال له: لما أشاور أبي المقدم كمال الدين العكام فشاوره على الرواح فقال له: لا ترح، ثم سافروا من الشام إلى أن دخلوا إلى حلب فعمل محمود البلخي عزومة وأرسل يطلب علاء الدين فشاور المقدم فمنعه وسافروا من حلب إلى أن بقي بينهم وبين بغداد مرحلة فعمل محمود البلخي عزومة وأرسل بطلب علاء الدين، فشاور المقدم فمنعه، فقال علاء الدين: لا بد لي من الرواح، ثم قام وتقلد بسيف تحت ثيابه وسار إلى أن دخل على محمود البلخي فقام لملتقاه وسلم عليه وأحضر له سفرة عظيمة فأكلوا وشربوا وغسلوا أيديهم ومال محمود البلخي على علاء الدين ليأخذ منه قبلة فلاقاه في كفه وقال له: ما مرادك أن تعمل؟ فقال: إني أحضرتك ومرادي أعمل معك حظاً في هذا المجال ونفسر قول من قال:
أيمكن أن تجيء لنا لحـظـه ***
كجلب شويهة أو شي بيضـه .
وتأكل ما تيسر مـن خـبـيز ***
وتقبض ما تحمل من فضيضه .
كجلب شويهة أو شي بيضـه .
وتأكل ما تيسر مـن خـبـيز ***
وتقبض ما تحمل من فضيضه .
وتحمل ما تشاء بغير عـسـر * * *
شبيراً أو فتيراً أو قبـيضـه .
شبيراً أو فتيراً أو قبـيضـه .
ثم إن محمود البلخي هم بعلاء الدين وأراد أن يفترسه فقام علاء الدين وجرد سيفه وقال له: وااا شيبتاه أما تخشى الله وهو شديدالمحال ولم تسمع قول من قال: شعر للمشيب
احفظ مشيبك من عيب يدنسـه * * *
إن البياض سريع الحمل للدنس .
إن البياض سريع الحمل للدنس .
فلما فرغ علاء الدين من شعره قال لمحمود: إن هذه البضاعة أمانة الله لا تباع ، ولو بعتها لغيرك لبعتها لك بالفضة ، ولكن والله يا خبيث ما بقيت أرافقك أبداً ، ثم رجع علاء الدين إلى المقدم كمال الدين وقال له: إن هذا رجل فاسق فأنا ما بقيت أرافقه أبداً ، ولا أمشي معه في الطريق فقال له: يا ولدي قلت لك لا تروح عنده، ولكن يا ولدي إن افترقنا منه نخشى على انفسنا التلف فخلنا قفلاً واحداً ، فقال له: لا يمكن أن أرافقه في الطريق أبداً ثم حمل علاء الدين حموله وسار هو ومن معه إلى أن نزلوا في واد وأرادوا أن يحطوا فيه فقال العكام : لا تحطوا هنا واستمروا رائحين وأسرعوا في المسير لعلنا نحصل بغداد قبل أن تقفل أبوابها فإنهم لا يفتحونها ولا يقفلونها إلا بعد الشمس خوفاً على المدينة أن يملكها الروافض ويرموا كتب العلم في دجلة ، فقال له: يا والدي أنا ما توجهت بهذا المتجر إلى هذا البلد لأجل أن أتسبب بل لأجل الفرجة على بلاد الناس، فقال له: يا ولدي نخشى عليك وعلى مالك من العرب، فقال له علاء الدين: هل أنت خادم أو مخدوم؟ أنا ما أدخل بغداد إلا وقت الصباح لأجل أن تنظر أولاد بغداد إلى متجري ويعرفونني فقال له العكام: افعل ما تريد فأنا أنصحك وأنت تعرف خلاصك فأمرهم علاء الدين بتنزيل الأحمال عن البغال فأنزلوا الأحمال ونصبوا الصيوان واستمروا مقيمين إلى نصف الليل. ثم طلع علاء الدين يزيل ضرورة فرأى شيئاً يلمع على بعد فقال للعكام: يا مقدم ما هذا الشيء الذي يلمع؟ فتأمل العكام وحقق النظر فرأى الذي يلمع أسنة رماح وسيوفاً بدوية، وإذا بهم عرب ورئيسهم يسمى شيخ العرب عجلان أبو ناب، ولما قرب العرب منهم ورأوا حمولهم قالوا لبعضهم: يا ليلة الغنيمة. فلما سمعوهم يقولون ذلك قال المقدم كمال الدين العكام: حاس يا أقل العرب فلطشه أبو ناب بحربته في صدره فخرجت تلمع من ظهره فوقع على باب الخيمة قتيلاً فقال السقا: حاس يا أخس العرب فضربوه بسيف على عاتقه فخرج يلمع من علائقه ووقع قتيلاً، كل هذا جرى وعلاء الدين واقف ينظر. ثم إن العرب جالوا وصالوا على القافلة فقتلوهم ولم يبق أحد من طائفة علاء الدين ثم حملوا الأحمال على ظهور البغال وراحوا فقال علاء الدين لنفسه: ما يقتلك إلا بغلتك وبدلتك هذه فقام وقطع البدلة ورماها على ظهر البغلة وصار بالقميص واللباس فقط والتفت قدامه إلى باب الخيمة فوجد بركة دم سائلة من القتلى فصار يتمرغ فيها بالقميص واللباس حتى صار كالقتيل الغريق في دمه. هذا ما كان من أمره. و أما ما كان من أمر شيخ العرب عجلان فإنه قال لجماعته: يا عرب هذه القافلة داخلة من مصر أو خارجة من بغداد ؟! فقالوا له: داخلة من مصر إلى بغداد فقال لهم: ردوا على القتلى لأني أظن أن صاحب هذه القافلة لم يمت فرد العرب على القتلى وصاروا يردون القتلى بالطعن والضرب إلى أن وصلوا إلى علاء الدين وكان قد ألقى نفسه بين القتلى. فلما وصلوا إليه قالوا: أنت جعلت نفسك ميتاً فنحن نكمل قتلك وسحب البدوي الحربة وأراد أن يغرزها في صدر علاء الدين فقال علاء الدين: يا بركتك يا سيدتي نفيسة هذا وقتك وإذا بعقرب لدغ البدوي في كفه، فصرخ وقال: يا عرب تعالوا إلي فإني لدغت ونزل من فوق ظهر فرسه فأتاه رفقاؤه وأركبوه ثانية على فرسه وقالوا له: أي شيء أصابك؟ فقال لهم: لدغني عقرب، ثم أخذوا القافلة وساروا. هذا ما كان من أمرهم ، و أما ما كان من أمر محمود البلخي فإنه أمر بتحميل الأحمال وسافر إلى أن وصل إلى غابة الأسد فوجد غلمان علاء الدين كلهم قتلى وعلاء الدين نائماً وهو عريان بالقميص واللباس فقط فقال له: من فعل بك هذه الفعال وخلاك في أسوأ حال؟ فقال له: العرب؟ فقال: يا ولدي فداك البغال والأموال وتسل بقول من قال:- شعر عن المال و الرجال
إذا سلمت هام الرجال من الردى * * *
فما المال إلا مثل قص الأظافر .
فما المال إلا مثل قص الأظافر .
و لكن يا ولدي انزل ولا تخشى بأساً فنزل علاء الدين من شباك الصهريج وأركبه بغلة وسافروا إلى أن دخلوا مدينة بغداد في دار محمود البلخي فأمر بدخول علاء الدين الحمام وقال له: المال والأحمال فداؤك يا ولدي وإن طاوعتني أعطيك قدر مالك وأحمالك مرتين وبعد طلوعه من الحمام أدخله قاعة مزركشة بالذهب لها أربعة لواوين، ثم أمر بإحضار سفرة فيها جميع الأطعمة فأكلوا وشربوا ومال محمود البلخي على علاء الدين ليأخذ من خده قبلة فلقيها علاء الدين بكفه وقال له: هل أنت إلى الآن قابع لضلالك أما قلت لك: أنا لو كنت بعت هذه البضاعة لغيرك بالذهب ما كنت أبيعها لك بالفضة؟ فقال: أنا ما أعطيتك المتجر والبغلة والبدلة إلا لأجل هذه القضية فإنني من غرامي بك في خيال ولله در من قال:
حدثنا عن بعض أشياخـه * * *
أبو بلال شيخنا عن شريك .
أبو بلال شيخنا عن شريك .
لا يشتفي العاشق مما بـه * *
بالضم والتقبيل حتى ينيك .
بالضم والتقبيل حتى ينيك .
فقال له علاء الدين: إن هذا شيء لا يمكن أبداً فخذ بدلتك وبغلتك وافتح الباب حتى أروح، ففتح الباب فطلع علاء الدين والكلاب تنبح وراءه وسار فبينما هو سائر إذ بباب مسجد فدخل في دهليز المسجد واستكن فيه وإذا بنور مقبل عليه فتأمله فرأى فانوسين في يد عبدين قدَّام اثنين من التجار واحد منهما إختيار حسن الوجه، والثاني شاب فسمع الشاب يقول لإختيار: بالله يا عمي أن ترد لي بنت عمي. فقال له: أما نهيتك مراراً عديدة وانت جاعل الطلاق مصحفك؟ ثم إن الإختيار التفت على يمينه فرأى ذلك الولد كأنه فلقة قمر فقال: يا غلام من أنت؟ فقال له: أنا علاء الدين بن شمس الدين شاه بندر التجار بمصر وتمنيت على والدي المتجر فجهز لي خمسين حملاً من البضاعة...
إلى اللقاء فموعدنا الجزء الرابع
لا تبخلوا علينا بمتابعة المدونة و الاشتراك فيها ليصلكم كل جديد و التعليق لتزدان المدونة جمالا و إشراقا..
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم