حكاية علاء الدين أبي الشامات ( الجزء الخامس )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
ثم قامت وهيأت الطعام وأحضرت السفرة فأكلا وشربا وتلذذا وطربا، ثم طلب منها أن تعمل نوبة سماع فأخذت العود وعملت نوبة يطرب منها الحجر الجلمود ونادت الأوتار في الحضرة يا داود ودخلت في دارج النوبة، فبينما هما في حظ ومزاح وبسط وانشراح وإذا بالباب يطرق فقالت له: قم انظر من في الباب فنزل وفتح الباب فوجد أربعة دراويش واقفين فقال لهم: أي شيء تطلبون؟ فقالوا له: يا سيدي نحن دراويش غرباء الديار وقوت أرواحنا السماع ورقائق الأشعار ومرادنا أن نرتاح عندك هذه الليلة إلى وقت الصباح ثم نتوجه إلى حال سبيلنا وأجرك على الله تعالى فإننا نعشق السماع وما فينا واحد إلا ويحفظ القصائد والأشعار والموشحات. فقال لهم: علي مشورة، ثم طلع وأعلمها فقالت له: افتح له الباب وأطلعهم وأجلسهم ورحب بهم ثم احضر لهم طعاماً فلم يأكلوا وقالوا له: يا سيدي إن زاردنا ذكر الله بقلوبنا وسماع المغاني بآذاننا، ولله در من قال: بيت شعر عن الاكل
وام القصد إلا أن يكون اجتماعنا ***
وما الأكل إلا سمة البـهـائم .
وما الأكل إلا سمة البـهـائم .
و قد كنا نسمع عندك سماعاً لطيفاً فلما طلعنا بطل السماع فيا هل ترى التي كانت تعمل النوبة جارية بيضاء أو سوداء أو بنت ناس؟ فقال لهم: هذه زوجتي وحكى لهم كل ما جرى له وقال لهم: إن نسيبي عمل علي عشرة آلاف دينار مهرها وأمهلوني عشرة أيام فقال درويش منهم: لا تحزن ولا تأخذ في خاطرك إلا الطيب فأنا شيخ التكية وتحت يدي أربعون درويشاً أحكم عليهم وسوف أجمع لك العشرة آلاف دينار منهم وتوفي المهر الذي عليك لنسيبك ولكن قل لها أن تعمل لنا نوبة لأجل نحظى بسماعها ويحصل لنا انتعاش فإن السماع لقوم كالغذاء ولقوم كالدواء ولقوم كالمروحة ، و كان هؤلاء الدراويش الأربعة: الخليفة هارون الرشيد والوزير جعفر البرمكي وأبو نواس الحسن بن هانئ ومسرور سياف النقمة، وسبب مرورهم على هذا البيت أن الخليفة حصل له ضيق صدر فقال للوزير: إن مرادنا أن ننزل ونشق في المدينة لأنه حاصل عندي ضيق صدر فلبسوا لبس الدراويش ونزلوا في المدينة فجازوا على تلك الدار فسمعوا النوبة فأحبوا أن يعرفوا حقيقة الأمر ، ثم إنهم باتوا في حظ ونظام ومناقلة كلام إلى أن أصبح الصباح فحط الخليفة مائة دينار تحت السجادة ثم أخذوا خاطره وتوجهوا إلى حال سبيلهم ، فلما رفعت الصبية السجادة رأت مائة دينار تحتها فقالت لزوجها : خذ هذه المائة دينار التي وجدتها تحت السجادة لأن الدراويش حطوها قبل ما يروحوا وليس عندنا علم بذلك، فأخذها علاء الدين وذهب إلى السوق واشترى اللحم والأرز والسمن وكل ما يحتاج إليه وفي ثاني ليلة أوقد الشمع ، وقال لزوجته زبيدة: إن الدراويش لم يأتوا بالعشرة آلف دينار التي وعدوني بها ولكن هؤلاء فقراء ، فبينما هما في الكلام وإذا بالدراويش قد طرقوا الباب فقالت له: انزل افتح لهم ففتح لهم وطلعوا فقال لهم: هل أحضرتم العشرة آلاف دينار التي وعدتموني بها؟ فقالوا: ما تيسر منها شيء ولكن لا تخشى بأساً إن شاء الله في غد اذا اصبح الصباح ، وأمر زوجتك أن تسمعنا نوبة على العود تُرَقص الحجر الجلمود فباتوا في هناء وسرور ومسامرة وحبور إلى أن طلع الصباح وأضاء بنوره ولاح فحط الخليفة مائة دينار تحت السجادة ثم أخذوا خاطره وانصرفوا من عنده إلى حال سبيلهم. ولم يزالوا يأتون إليه على هذه الحال مدة تسع ليال وكل ليلة يحط الخليفة تحت السجادة مائة دينار إلى أن أقبلت الليلة العاشرة فلم يأتوا وكان السبب في انقطاعهم أن الخليفة أرسل إلى رجل عظيم من التجار وقال له: أحضر لي خمسين حملاً من الأقمشة التي تجئ من مصر ، يكون كل حمل ثمنه ألف دينار واكتب على كل حمل ثمنه وأحضر لي عبداً حبشياً فأحضر له التاجر كل ما أمره به الخليفة، ثم إن الخليفة أعطى العبد طشتاً وإبريقاً من الذهب وهدية والخمسين حملاً وكتب كتاباً على لسان شمس الدين شاه بندر التجار بمصر والد علاء الدين وقال له: خذ هذه الأحمال وما معها ورح بها إلى الحارة الفلانية التي فيها بيت ابن شاه بندر التجار وقل: أين سيدي علاء الدين أبو الشامات فإن الناس يدلونك على الحارة وعلى البيت ، فأخذ العبد الأحمال وما معها وتوجه كما أمره الخليفة. هذا ما كان من أمره. و أما ما كان من أمر ابن عم الصبية فإنه توجه إلى أبيها وقال له: تعالى نروح لعلاء الدين لنطلق بنت عمي فنزل وسار هو وأبوه وتوجها إلى علاء الدين فلما وصل إلى البيت وجدا خمسين بغلاً وعليها خمسين حملاً من القماش وعبداً راكب بغلة فقالا له: لمن هذه الأحمال؟ فقال: لسيدي علاء الدين أبو الشامات، فإن أباه كان قدجهز له متجراً وسفره إلى مدينة بغداد فطلع عليه العرب فأخذوا ماله وأحماله فبلغ الخبر إلى أبيه فأرسلني إليه بأحمال عوضها وأرسل معي بغلاً عليه خمسون ألف دينار وبقجة تساوي جملة من المال وكرك سمور وطشتاً وإبريقاً من الذهب، فقال أبو البنت: هذا نسيبي وأنا أدلك على بيته. فبينما علاء الدين قاعد في البيت وهو في غم شديد وإذا بالباب يطرق فقال علاء الدين: يا زبيدة الله أعلم أن أباك أرسل لي رسولاً من طرف القاضي أو من طرف الوالي فقالت له: انزل وانظر الخبر، فنرل وفتح الباب فرأى نسيبه أبا زبيدة ورأى عبداً حبشياً أسمر اللون حلو المنظر راكباً فوق بغلة فنزل العبد وقبل يديه فقال له: أي شيء تريد؟ فقال له العبد: أنا عبد سيدي علاء الدين أبي الشامات بن شمس الدين شاه بندر التجار بأرض مصر وقد أرسلني إليه أبوه بهذه الأمانة، ثم أعطاه الكتاب فأخذه علاء الدين وفتحه وقرأه فرأى مكتوباً فيه: بيت شعر للحبيب
يا كتابي إذا رآك حبـيبـي ***
قبل الأرض والنعال لـديه .
قبل الأرض والنعال لـديه .
وتمهل ولا تكن بعـجـول ***
إن روحي وراحتي في يديه .
إن روحي وراحتي في يديه .
بعد السلام والتحية والإكرام من شمس الدين إلى ولده علاء الدين: اعلم يا ولدي أنه بلغني خبر قتل رجالك ونهب أموالك وأحمالك فأرسلت إليك غيرها هذه الخمسين حملاً من القماش المصري والبدلة والكر السمور والطشت والإبريق الذهب ولا تخشى بأساً والمال فداؤك يا ولدي ولا يحصل لك حزن أبداً، وإن أمك وأهل البيت طيبون بخير وهم يسلمون عليك كثير السلام، وبلغني يا ولدي خبر وهو أنهم عملوك محللاً للبنت زبيدة العودية وعملوا عليك مهرها خمسين ألف دينار فهي واصلة إليك صحبة الأحمال مع عبدك سليم ، فلما فرغ من قراءة الكتاب تسلم الأحمال، ثم التفت إلى نسيبه و قال له: يا نسيبي خذ الخمسين ألف دينار مهر ابنتك زبيدة وخذ الأحمال تصرف فيها ولك المكسب ورد لي رأس المال، فقال له: لا والله لا آخذ شيئاً وأما مهر زوجتك فاتفق أنت وإياها من جهته فقام علاء الدين هو ونسيبه ودخلا البيت بعد إدخال الحمول فقالت زبيدة لأبيها: يا أبي لمن هذه الأحمال؟ فقال لها: هذه الأحمال لعلاء الدين زوجك أرسلها إليه أبوه عوضاً عن الأحمال التي أخذها العرب منه وأرسل إليه الخمسين ألف دينار وبقجة وكرك سمور وبغلة وطشتاً وإبريقاً ذهباً، وأما من جهة مهرك فالرأي إليه لك فيه فقام علاء الدين وفتح الصندوق وأعطاها إياه فقال الولد ابن عم البنت: يا عم خل علاء الدين يطلق لي امرأتي؟ قال له: هذا شيء ما بقي يصح أبداً والعصمة بيده فراح الولد مهموماً مقهوراً ورقد في بيته ضعيفاً فكانت القاضية فمات. وأما علاء الدين فإنه طلع إلى السوق بعد أن اخذ الأحمال وأخذ ما يحتاج إليه من المأكل والمشرب والسمن وعمل نظاماً مثل كل ليلة وقال لزبيدة: انظري الى هؤلاء الدراويش الكذابين قد وعدونا وأخلفوا وعدهم فقالت له: أنت ابن شاه بندر التجار وكانت يدك قصيرة عن نصف فضية فكيف بالمساكين الدراويش؟ فقال لها: أغنانا الله تعالى عنهم ولكن ما بقيت أفتح لهم الباب إذا أتوا إلينا، فقالت له: لأي شيء والخير ما جاءنا إلا إلى قدومهم وكل ليلة يحطون تحت السجادة لنا مائة دينار فلا بد أن تفتح لهم الباب إذا جاؤوا، فلما ولى النهار بضيائه وأقبل الليل أوقد الشمع وقال لها: يا زبيدة قومي اعملي لنا نوبة وإذا بالباب يطرق فقالت له: قم انظر من بالباب فنزل وفتح الباب رآهم الدراويش فقال: مرحباً بالكذابين اطلعوا، فطلعوا معه وأجلسهم وجاء لهم بسفرة الطعام فأكلوا وشربوا وتلذذوا وبعد ذلك قالوا له: يا سيدي إن قلوبنا عليك مشغولة أي شيء جرى لك مع نسيبك؟ فقال لهم: عوض الله علينا بما فوق المراد، فقالوا له: والله إنا كنا خائفين عليك.
إلى اللقاء فموعدنا الجزء السادس
لا تقرأ و تخرج دون ان تترك بصمتك بتعليق و متابعة للمدونة ليصلكم كل جديد .
إلى اللقاء فموعدنا الجزء السادس
لا تقرأ و تخرج دون ان تترك بصمتك بتعليق و متابعة للمدونة ليصلكم كل جديد .
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم