حكاية علي شار و الجارية زمردة ( الجزء السابع و الاخير )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
ان الملكة زمردة استغفرت الله عز وجل وقالت لعل الله يجمع شملي بحبيبي علي شار قريباً إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير ثم حمدت الله ووالت الإستغفار وسلمت لمواقع الأقدار وأيقنت أنه لا بد لكل أول من آخر وأنشدت قول الشاعر:
كن حليم إذا ابتليت بغيظ * * *
وصبوراً إذا أتتك مصيبة
فالليالي من الزمان حبالى * * *
مثقلات يلدن كل عجيبة
وقول الآخر:
اصبر ففي الصبر خير لو علمت به * * *
لطبت نفساً ولم تجزع مـن الألـم
لطبت نفساً ولم تجزع مـن الألـم
واعلم بأنك لو لم تصطبر كـرمـاً * * *
صبرت رغماً على ما خط بالقلـم
صبرت رغماً على ما خط بالقلـم
فلما فرغت من شعرها مكثت بعد ذلك شهراً كاملاً وهي بالنهار تحكم بين الناس وتنهي وبالليل تبكي وتنتحب على فراق سيدها علي شار ولما هل الشهر الجديد أمرت بمد السماط في الميدان على جري العادة وجلست فوق الناس وصاروا ينتظرون الإذن في الأكل وكان موضع الصحن الأرز خالياً وجلست على رأس السماط وجعلت عينها على باب الميدان لتنظر كل من يدخل وصارت تقول في سرها : من رد يوسف على يعقوب وكشف البلاء عن أيوب أمنن علي برد سيدي علي شار بقدرتك وعظمتك إنك على كل شيء قدير يا رب العالمين فلم يتم دعاؤها إلا وشخص داخل من باب الميدان كأن قوامه غصن بان إلا أنه نحيل البدن يلوح عليه الإصفرار وهو أحسن ما يكون من الشباب كامل العقل والآداب فلما دخل لم يجد موضعاً خالياً إلا الموضع الذي عند الصحن الأرز فجلس فيه ولما رأته زمرد خفق قلبها فحققت النظر فيه فتبين أنه سيدها علي شار فأرادت أن تصرخ من الفرح فثبتت نفسها وخشيت من الفضيحة بين الناس ولكن تقلقلت أحشاؤها واضطرب قلبها فكتمت ما بها وكان السبب في مجيء علي شار لما انه رقد على المصطبة ونزلت زمرد وأخذها جوان الكردي استيقظ بعد ذلك فوجد نفسه مكشوف الرأس فعرف أن إنساناً تعدى عليه وأخذ عمامته وهو نائم فقال الكلمة التي لا يخجل قائلها وهي إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم إنه رجع إلى العجوز التي كانت أخبرته بمكان زمردة وطرق عليها الباب فخرجت إليه فبكى بين يديها حتى وقع مغشياً عليه فلما أفاق أخبرها ما حصل له فلامته وعنفته على ما وقع منه وقالت له : إن مصيبتك وداهيتك من نفسك ولا زالت تلومه حتى طفح الدم من منخريه ووقع مغشياً عليه فلما أفاق من غشيته . رأى العجوز تبكي من أجله وتفيض دمع العين فتضجر وأنشد هذين البيتين:
ما أمر الفراق للأحبـاب * * *
وألذ الوصال للعـشـاق
جمع الله شمل كل محـب * * *
ورعاني لأنني في اشتياق
فحزنت عليه العجوز وقالت : يا ولدي هذا الذي أنت فيه من الكآبة والحزن لا يرد عليك محبوبتك فقم وشد حيلك وفتش عليها في البلاد لعلك أن تقع على خبرها. ولم تزل تجلده وتقويه حتى نشطته وأدخلته الحمام وسقته الشراب وأطعمته الدجاج وصارت كل يوم تفعل معه كذلك مدة شهر حتى تقوى وسافر ، ولم يزل مسافراً إلى أن وصل إلى مدينة زمرد ودخل الميدان وجلس على الطعام ومد يده ليأكل فحزن عليه الناس وقالوا له : يا شاب لا تأكل من هذا الصحن لأن من أكل منه يحصل له ضرر ، فقال دعوني آكل منه ويفعلون بي ما يريدون لعلي أستريح من هذه الحياة المتعبة ، ثم أكل أول لقمة وأرادت زمردة أن تحضره بين يديها فخطر ببالها أنه جائع فقالت في نفسها : المناسب اني أدعه يأكل حتى يشبع فصار يأكل والخلق باهتون ينتظرون الذي يجري له. فلما أكل وشبع قالت لبعض الطواشية : امضوا إلى ذلك الشاب الذي يأكل من الأرز وهاتوه برفق وقولوا له كلم الملك لسؤال لطيف وجواب ، فقالوا: سمعاً وطاعة ، ثم ذهبوا إليه حتى وقفوا قباله وقالوا له : يا سيدي تفضل كلم الملك وأنت منشرح الصدر فقال : سمعاً وطاعة ، ثم مضى الطواشية فقال الخلق لبعضهم : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يا ترى ما الذي يفعله به الملك ؟ فقال بعضهم : لا يفعل به إلا الخير لأنه لو كان يريد ضره ما كان تركه حتى يشبع ، فلما وقف قدام زمردة سلم عليها وقبل الأرض بين يديها فردت عليه السلام وقابلته بالإكرام وقالت له : ما اسمك وما صنعتك ؟ وما سبب مجيئك إلى هذه المدينة ؟ فقال لها : اسمي علي شار وأنا من أولاد التجار وبلدي خراسان وسبب مجيئي إلى هذه المدينة التفتيش على جارية ضاعت مني وكانت عندي أعز من سمعي وبصري فروحي متعلقة من حين فقدتها وهذه قصتي ، ثم بكي حتى غشي عليه فأمرت أن يرشوا على وجهه ماء الورد حتى أفاق فلما أفاق من غشيته قالت : علي بتخت الرمل والقلم النحاس فجاؤوا به فأخذت القلم وضربت تخت رمل وتأملت فيه ساعة من الزمان ثم بعد ذلك قالت : صدقت في كلامك والله يجمعك بها قريباً فلا تقلق. ثم أمرت الحاجب أن يمضي به إلى الحمام ويلبسه بدلة حسنة من ثياب الملوك ويركبه فرساً من خواص خيل الملك ويمضي به بعد ذلك إلى القصر في آخر النهار ، فقال الحاجب : سمعاً وطاعة، ثم أخذه من قدامها وتوجه به فقال الناس لبعضهم : ما بال السلطان لاطف الغلام هذه الملاطفة ، وقال بعضهم : أما قلت لكم لا يسيئه فإن شكله حسن ومن حين صبر عليه لما شبع عرفت ذلك وصار كل واحد منهم يقول مقالة ، ثم تفرق الناس ، وما صدقت زمردة أن الليل أقبل حتى تختلي بمحبوب قلبها. فلما اتى الليل دخلت محل نومها وأظهرت أنه غلب عليها النوم ولم يكن لها عادة بأن ينام عندها أحد غير خادمين بموجب الخدمة فلما استقرت في ذلك المحل أرسلت إلى محبوبها علي شار وقد جلست على السرير والشمع يضيء فوق رأسها وتحت رجليها والتعاليق الذهب مشرقة في المحل ، فلما سمع الناس بإرساله إليه تعجبوا من ذلك وصار كل واحد منهم يظن ظناً ويقول مقالة ، وقال بعضهم: إن الملك على كل حال تعلق بهذا الغلام وفي غد يجعله قائد عسكر. فلما دخلوا به عليه قبل الأرض بين يديها ودعا لها فقالت في نفسها : لا بد أن أمزح معه ولا أعلمه بنفسي ، ثم قالت : يا علي هل ذهبت إلى الحمام قال : نعم يا مولاي قالت : قم كل من هذا الدجاج واللحم واشرب من هذا السكر الشراب فإنك تعبان وبعد ذلك تعال هنا فقال: سمعاً وطاعة ، ثم فعل ما أمرته به. ولما فرغ من الأكل والشرب قالت له اطلع عندي على السرير واكبسني، فشرع يكبس رجليها وسيقانها فوجدها أنعم من الحرير، فقالت له : اطلع بالتكبيس إلى فوق فقال : العفو يا مولاي من عند الركبة ما أتعدى ، قالت: أتخالفني فتكون ليلة مشؤومة عليك بل ينبغي لك أن تطاوعني وأنا أعملك معشوقي وأجعلك أميراً من أمرائي ، فقال علي شار : يا ملك الزمان ما الذي أطيعك فيه ؟ قالت : حل لباسك ونم على وجهك فقال : هذا شيء عمري ما فعلته وإن قهرتني على ذلك فإني أخاصمك فيه عند الله يوم القيامة ، فخذ كل شيء أعطيتني إياه ودعني أروح من مدينتك ، ثم بكى وانتحب. فقالت: حل لباسك ونم على وجهك وإلا ضربت عنقك ففعل ، فطلعت على ظهره فوجد شيئاً أنعم من الحرير وألين من الزبد فقال في نفسه : إن هذا الملك خير من جميع النساء ، ثم إنها صبرت قليلاً وهي على ظهره وبعد ذلك انقلبت على الأرض فقال علي شار الحمد لله كأن ذكره لم ينتصب ، فقالت : إن من عادة ذكري أن لا ينتصب إلا إذا عركوه بأيديهم فقم واعركه بيدك حتى ينتصب وإلا قتلتك ، ثم رقدت على ظهرها وأخذت بيده ووضعتها على فرجها فوجد فرجاً أنعم من الحرير وهو أبيض مربرب يحكي في السخونة حرارة الحمام وقلب صب أضناه الغرام فقال علي شار في نفسه إن الملك له عضو انثى فهذا من العجب العجاب. وأدركته الشهوة فصار ذكره في غاية الإنتصاب ، فلما رأت منه ذلك ضحكت وقهقهت وقالت له : يا سيدي قد حصل هذا كله وما تعرفني؟ فقال ومن أنت أيها الملك ؟ قال: أنا جاريتك زمردة ، فلما علم ذلك قبلها وعانقها وانقض عليها مثل الأسد على الشاة وتحقق أنها جاريته بلا اشتباه فأغمد قضيبه في جرابها ولم يزل بواباً لبابها وإماماً لمحرابها وهي معه في ركوع وسجود وقيام وقعود، إلا أنها صارت تتبع التسبيحات بغنج في ضمنه حركات حتى سمع الطواشية فجاءوا ونظروا من خلف الأستار فوجدوا الملك راقداً وفوقه علي شار وهو يرصع ويزهر وهي تشخر وتغنج فقال الطواشية : إن هذا الغنج ما هو غنج رجل لعل هذا الملك امرأة ، ثم كتموا أمرهم ولم يظهروه على أحد. فلما أصبحت زمرد أرسلت إلى كامل العسكر وأرباب الدولة وأحضرتهم وقالت لهم : أنا أريد أن أسافر إلى بلد هذا الرجل فاختاروا نائباً يحكم بينكم حتى أحضر عندكم فأجابوا زمرد بالسمع والطاعة ، ثم شرعت في تجهيز آلة السفر من زاد وأموال وأرزاق وتحف وبغال وسافرت ، ولم تزل مسافرة إلى أن وصلت إلى بلد علي شار ودخل منزله وأعطى وتصدق ووهب ورزق منها الأولاد وعاشا في أحسن المسرات إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات. فسبحان الباقي بلا زوال والحمد لله على كل حال
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم