حكاية علي شار و الجارية زمردة (الجزء الخامس )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ...
إلى القصة ... 😊...
قالت زمرد في نفسها : بعد أن وصلت إلى هذا الأمر لعل الله يجمعني بسيدي في هذا المكان إنه على ما يشاء قدير ، ثم سارت فسارت العسكر بسيرها حتى دخلوا المدينة وترجل العسكر بين يديها حتى أدخلوها القصر فنزلت وأخذها الأمراء والأكابر من تحت إبطيها حتى أجلسوها على الكرسي وقبلوا الأرض جميعا بين يديها. فلما جلست على كرسي الحكم أمرت بفتح الخزائن ففتحت وأنفقت على جميع العسكر فدعوا لها بدوام الملك وأطاعها العباد وسائر أهل البلاد واستمرت على ذلك مدة من الزمان وهي تأمر وتنهي وقد صار لها في قلوب الناس هيبة عظيمة من أجل الكرم والعفة وأبطلت المكوس وأطلقت من في الحبوس ورفعت المظالم فأحبها جميع الناس وكلما تذكرت سيدها تبكي وتدعو الله أن يجمع بينها وبينه واتفق أنها تذكرته في بعض الليالي وتذكرت أيامها التي مضت لها معه فأفاضت دمع العين وأنشدت هذين البيتين:
شوقي إليك على الزمان جديد * * *
والدمع قرح مقلتـي ويزيد
والدمع قرح مقلتـي ويزيد
وإذا بكيت من ألم الـجـوى * * *
إن الفراق على المحب شديد
إن الفراق على المحب شديد
فلما فرغت من شعرها مسحت دموعها وطلعت القصر ودخلت الحريم وأفردت للجواري والسراري منازل ورتبت لهن الرواتب والجرايات وزعمت أنها تريد أن تجلس في مكان وحدها عاكفة على العبادة وصارت تصوم وتصلي حتى قالت الأمراء: إن هذا السلطان له ديانة عظيمة. ثم إنها لم تدع عندها أحداً من الخدم غير طواشين صغيرين لأجل الخدمة وجلست في تخت الملك سنة وهي لم تسمع بسيدها خبراً ولم تقف له على أثر فقلقت من ذلك ، فلما اشتد قلقها دعت بالوزراء والحجاب وامرتهم أن يحضروا لها المهندسين والبنائين وأن يبنوا لها تحت القصر ميداناً طوله فرسخ وعرضه فرسخ ففعلوا ما أمرتهم به في أسرع وقت فجاء الميدان على طبق مرادها ، فلما تم ذلك الميدان نزلت فيه وضربت لها فيه قبة عظيمة وصفت فيه كراسي الأمراء وأمرت أن يمدوا سماطاً من سائر الأطعمة الفاخرة في ذلك الميدان ففعلوا ما أمرتهم به ثم أمرت أرباب الدولة أن يأكلوا ثم قالت للأمراء: أريد إذا هل الشهر الجديد أن تفعلوا هكذا وتنادوا في المدينة لا يفتح أحد دكانه بل يحضرون جميعاً ويأكلون من سماط الملك ، وكل من خالف منهم يشنق على باب داره. فلما هل الشهر الجديد فعلوا ما أمرتهم به واستمروا على هذه العادة إلى أن هل أول شهر من السنة الثانية فنزلت إلى الميدان ونادى المنادي يا معشر الناس كافة كل من فتح دكانه أو حاصله أو منزله شنق في الحال على باب دكانه بل يجب عليكم أن تحضروا جميعاً لتأكلوا من سماط الملك ، فلما فرغت المناداة ووضع السماط جاءت الخلق أفواجاً أفواجاً، فأمرتهم بالجلوس على السماط ليأكلوا حتى يشبعوا من سائر الألوان فجلسوا يأكلون كما أمرتهم و جلست هي على كرسي المملكة تنظر إليهم فصار كل من جلس على السماط يقول في نفسه : إن الملك لا ينظر إلا إلي ، وجلسوا يأكلون وصار الأمراء يقولون للناس كلوا ولا تستحوا فإن الملك يحب ذلك فأكلوا حتى شبعوا وانصرفوا داعين للملك وصار بعضهم يقول لبعض عمرنا ما رأينا سلطاناً يحب الفقراء ، مثل هذا السلطان ودعوا له بطول البقاء وذهبت إلى قصرها وهي فرحانة بما رتبته وقالت في نفسها : إن شاء الله تعالى بسبب ذلك أقع على خبر سيدي علي شار ولما هل الشهر الثاني فعلت ذلك الأمر على جري العادة ووضعوا السماط ونزلت زمرد وجلست على كرسيها وأمرت الناس أن يجلسوا ويأكلوا فبينما هي جالسة على رأس السماط والناس يجلسون عليه جماعة بعد جماعة وواحد بعد واحد إذ وقعت عينها على برسوم النصراني ، الذي كان اشترى الستر من سيدها فعرفته فصاحت على بعض الجند وقالت له : هاتوا هذا الذي قدامه الصحن الأرز الحلو ولا تدعوه يأكل اللقمة التي في يده بل ارموها من يده فجاء أربعة من العساكر وسحبوه على وجهه بعد أن رموا اللقمة من يده وأوقفوه قدام زمرد فامتنعت الناس عن الأكل وقال بعضهم لبعض : والله إنه ظالم لأنه لم يأكل من طعام أمثاله فقال واحد : أنا قنعت بهذا الكشك الذي قدامي فقال الحشاش : الحمد لله الذي منعني من أن آكل من الصحن الأرز الحلو شيئاً لأني كنت أنتظر أن يستقر قدامه ويتهنى عليه ثم آكل معه فحصل له ما رأينا. فقال الناس لبعضهم : اصبروا حتى ننظر ما يجري عليه فلما قدموه بين يدي الملكة زمرد ، قالت له : ويلك يا أزرق العينين ما اسمك وما سبب قدومك إلى بلادنا فأنكر الملعون وكان متعمماً بعمامة بيضاء فقال : يا ملك اسمي على صنعتي حباك وجئت إلى المدينة من أجل التجارة فقالت زمرد : ائتوني بتخت رمل و قلم نحاس فجاؤوا بما طلبته في الحال فأخذت التخت الرمل والقلم وضربت تخت رمل وخطت بالقلم صورة مثل صورة قرد ثم بعد ذلك رفعت رأسها وتأملت برسوم ساعة زمانية وقالت له : يا كلب كيف تكذب على الملوك ، أما أنت نصراني واسمك برسوم وقد أتيت إلى حاجة تفتش عليها فأصدقني الخبر وإلا وعزة الربوبية لأضربن عنقك فتلجلج النصراني . فقال الأمراء والحاضرون: إن هذا الملك يعرف ضرب الرمل سبحان من أعطاه ثم صاحت على النصراني وقالت له : أصدقني الخبر وإلا أهلكتك فقال النصراني : العفو يا ملك الزمان إنك صادق في ضرب الرمل فأنا نصراني . فتعجب الحاضرون من الأمراء وغيرهم من إصابة الملك في ضرب الرمل وقالوا إن هذا الملك منجم لا يوجد في الدنيا مثله ، ثم إن الملكة أمرت بأن يسلخ النصراني ويحشى جلده تبناً ويعلق على باب الميدان وأن يحفروا حفرة في خارج البلد ويحرق فيها لحمه وعظمه وترمى عليه الأوساخ والأقذار ، فقالوا سمعاً وطاعة ، وفعلوا ما أمرتهم به. فلما نظر الخلق ما حل بالنصراني قالوا: جزاؤه ما حل به فما كان أشأمها لقمة عليه فقال واحد منهم: على البعيد الطلاق عمري ما بقيت آكل أرز حلو فقال الحشاش : الحمد لله الذي عافاني مما حل بهذا حيث حفظني من أكل ذلك الأرز، ثم خرج الناس جميعهم وقد حرموا الجلوس على الأرز الحلو في موضع ذلك النصراني ولما كان الشهر الثالث مدوا السماط على جري العادة وهم خائفون وقعدت الملكة زمرد على الكرسي ووقف العسكر على جري العادة وهم خائفون من سطوتها ودخلت الناس من أهل المدينة على العادة وداروا حول السماط إلى موضع الصحن. فقال واحد منهم للآخر: يا حج خلف قال له: لبيك يا حج خالد قال: تجنب الصحن الأرز الحلو واحذر أن تأكل منه وإن أكلت منه تصبح مشنوقاً ثم إنهم جلسوا حول السماط للأكل فبينما هم يأكلون والملكة زمرد جالسة إذ حانت منها التفاتة إلى رجل يهرول من باب المدينة فتأملته فوجدته جوان الكردي اللص الذي قتل الجندي وسبب مجيئه أنه كان ترك أمه ومضى إلى رفقائه وقال لهم: إني كسبت البارحة طيباً وقتلت جندياً وأخذت فرسه وحصل لي في تلك الليلة خرج ملآن ذهباً وصبية قيمتها أكثر من الذهب الذي في الخرج ووضعت جميع ذلك في الغار عند والدتي ففرحوا بذلك وتوجهوا إلى الغار في النهار ودخل جوان الكردي قدامهم وهم خلفه وأراد أن يأتي لهم بما قال لهم فوجد المكان قفراً فسأل أمه عن حقيقة الأمر فأخبرته بجميع ما جرى فعض على كفيه ندماً وقال: والله لأدورن على هذه الفاجرة وآخذها من المكان الذي هي فيه ولو كانت في قشور الفستق وأشفي غليلي منها. وخرج يفتش عليها، ولم يزل دائراً في البلاد حتى وصل إلى مدينة الملكة زمردة.
الى اللقاء في الجزء السادس
رابط الجزء الاول من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثاني من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثالث من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الرابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الخامس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السادس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
الى اللقاء في الجزء السادس
رابط الجزء الاول من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثاني من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثالث من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الرابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الخامس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السادس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم