حكاية علي شار مع الجارية زمردة ( الجزء السادس )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
فلما دخل جوان الكردي المدينة لم يجد فيها احد ، فسأل بعض النساء الناظرات من الشبابيك فأعلمنه أن أول كل شهر يمد السلطان سماطاً وتروح الناس وتأكل منه ودلوه على الميدان الذي فيه السماط فجاء وهو يهرول فلم يجد مكاناً خالياً يجلس فيه إلا عند الصحن المتقدم ذكره صحن الارز الحلو فقعد وصار الصحن قدامه ، فمد يده إليه فصاحت عليه الناس وقالوا له : يا أخانا ما تريد أن تعمل قال : أريد أن آكل من هذا الصحن حتى أشبع ، فقال له واحد : إن أكلت تصبح مشنوقاً . فقال له : اسكت ولا تنطق بهذا الكلام ، ثم مد يده إلى الصحن وجره قدامه وكان الحشاش المتقدم ذكره جالساً في جنبه فلما رآه جر الصحن قدامه هرب من مكانه وطارت الحشيشة من رأسه وجلس بعيداً وقال أنا مالي حاجة بهذا الصحن ثم إن جوان الكردي مد يده إلى الصحن وهي في صورة رجل الغراب وغرف بها وأطلعها منه وهي مثل خف الجمل . ودور اللقمة في كفه حتى صارت مثل النارنجة الكبيرة ، ثم رماها في فمه بسرعة فانحدرت في حلقه ولها فرقعة مثل الرعد وبان قعر الصحن من موضعها ، فقال له من بجانبه : الحمد لله الذي لم يجعلني طعاماً بين يديك لأنك خسفت الصحن بلقمة واحدة فقال الحشاش : دعوه يأكل فإني تخيلت فيه صورة المشنوق . ثم التفت إليه وقال له: لا هنأك الله ، فمد يده إلى اللقمة الثانية وأراد أن يدورها في يده مثل اللقمة الأولى وإذا بالملكة صاحت على بعض الجند وقالت لهم : هاتوا ذلك الرجل بسرعة ولا تدعوه يأكل اللقمة التي في يده فأسرعت اليه العسكر وهو مكب على الصحن وقبضوا عليه وأخذوه قدام الملكة زمرد فشمتت الناس فيه وقالوا لبعضهم : إنه يستاهل لأننا نصحناه فلم ينتصح وهذا المكان مشؤوم على كل من يأكل منه ثم إن الملكة زمرد قالت له : ما اسمك وما صنعتك وما سبب مجيئك مدينتنا قال : يا مولانا السلطان اسمي عثمان وصنعتي خولي بستان وسبب مجيئي إلى هذه المدينة أنني دائراً أفتش على شيء ضاع مني . فقالت الملكة : علي بتخت الرمل فأحضروه بين يديها ، فأخذت القلم وضربت تخت رمل ثم تأملت فيه ساعة وبعد ذلك رفعت رأسها وقالت له : ويلك يا خبيث كيف تكذب على الملوك هذا الرمل يخبرني أن اسمك جوان الكردي وصنعتك أنك لص تأخذ أموال الناس بالباطل وتقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، ثم صاحت عليه وقالت : يا خنزير أصدقني بخبرك وإلا قطعت رأسك فلما سمع كلامها اصفر لونه واصطكت أسنانه وظن أنه إن نطق بالحق ينجو فقال : صدقت أيها الملك ولكنني أتوب على يديك من الآن وأرجع إلى الله تعالى. فقالت له الملكة : لا يحل لي أن أترك آفة في طريق المسلمين ، ثم قالت لبعض أتباعها : خذوه واسلخوا جلده وافعلوا به مثل ما فعلتم بنظيره في الشهر الماضي وفعلوا ما امرتهم به ولما رأى الحشاش العسكر حين قبضوا على ذلك الرجل أدار ظهره إلى ذلك الصحن الأرز وقال : إن استقبالك بوجهي حرام ولما فرغوا من الأكل تفرقوا وذهبوا إلى أماكنهم وطلعت الملكة إلى قصرها وأذنت للماليك بالإنصراف ، ولما هل الشهر الرابع نزلوا إلى الميدان على جري العادة وأحضروا الطعام وجلس الناس ينتظرون الإذن وإذا بالملكة قد أقبلت وجلست على الكرسي وهي تنظر إليهم فوجدت موضع صحن الأرز خالياً وهو يسع أربعة أنفس فتعجبت من ذلك فبينما هي تجول بنظرها إذ حانت منها التفاتة فنظرت إنساناً داخلاً من باب الميدان يهرول حتى وقف على السماط فلم يجد مكاناً خالياً إلا عند الصحن فتأملته فوجدته الملعون النصراني الذي سمى نفسه رشيد الدين فقالت في نفسها : ما أبرك هذا الطعام الذي وقع في حبائله هذا الكافر وكان لمجيئه سبب عجيب وهو أنه لما رجع من سفره. أخبره أهل بيته أن زمرد قد فقدت ومعها خرج مال فلما سمع ذلك الخبر شق أثوابه ولطم على وجهه ونتف لحيته وأرسل أخاه برسوماً يفتش في البلاد . فلما أبطأ عليه خبره خرج هو بنفسه ليفتش على أخيه وعلى زمرد في البلاد فرمته المقادير إلى مدينة زمرد ودخل تلك المدينة في أول يوم من الشهر . فلما مشى في شوارعها وجدها خالية ودكاكينها مقفولة ونظر النساء مطلات من النوافذ ، فسأل بعضهن عن هذا الحال فقلن له : إن الملك يعمل سماطاً لجميع الناس في أول كل شهر وتأكل منه الخلق جميعاً وما يقدر أحد أن يجلس في بيته ولا في دكانه ودلوه على الميدان فلما دخل الميدان وجد الناس مزدحمين على الطعام ولم يجد موضعاً إلا الموضع الذي فيه الصحن الأرز المعهود فجلس فيه ومد يده ليأكل فصاحت الملكة على بعض العسكر وقالت لهم : هاتوا الذي قعد على الصحن الأرز فعرفوه بالعادة وقبضوا عليه وأوقفوه قدام الملكة زمرد فقالت له : ويلك ما اسمك وما صنعتك وما سبب مجيئك إلى مدينتنا فقال : يا ملك الزمان اسمي رستم ولا صنعة لي لأنني فقير ودرويش . فقالت لجماعتها هاتوا تخت الرمل والقلم النحاس فأتوها بما طلبته على العادة فأخذت القلم وخطت به تخت رمل ومكثت تتأمل فيه ساعة ثم رفعت رأسها إليه وقالت : يا كلب كيف تكذب على الملوك أنت اسمك رشيد الدين النصراني وصنعتك أنك تنصب الحيل لجواري المسلمين وتأخذهن وأنت مسلم في الظاهر ونصراني في الباطن فانطق الحق وإن لم تنطق بالحق فإني أضرب عنقك فتلجلج في كلامه ثم قال : صدقت يا ملك الزمان فأمرت به أن يمد على كل رجل مائة سوط وعلى جسده ألف سوط وبعد ذلك يسلخ جلده ويحشى ساساً ثم تحفر له حفرة في خارج المدينة ويحرق وبعد ذلك يضعون عليه الأوساخ والأقذار ففعلوا ما أمرتهم به ثم أذنت للناس بالأكل فأكلوا ولما فرغ الناس من الأكل وانصرفوا إلى حال سبيلهم طلعت الملكة زمرد إلى قصرها وقالت : الحمد لله الذي أراحني من الذين آذوني ثم إنها شكرت ناظر السموات والأرض وأنشدت هذه الأبيات:
تحكموا فاستطالوا في تحكمهـم * * *
وبعد حين كان الحكم لم يكـن
وبعد حين كان الحكم لم يكـن
لو أنصفوا أنصفوا لكن بغوا فأتى * * *
عليهم الدهر بالآفات والمحن
عليهم الدهر بالآفات والمحن
فأصبحوا ولسان حالهم ينشدهـم * * *
هذا بذاك ولا عتب على الزمن
هذا بذاك ولا عتب على الزمن
ولما فرغت من شعرها خطر ببالها سيدها علي شار فبكت بالدموع الغزار وبعد ذلك رجعت إلى عقلها وقالت في نفسها : لعل الله الذي مكنني من أعدائي يمن علي برجوع أحبائي فاستغفرت الله عز وجل.
الى اللقاء في الجزء السابع و الاخير
رابط الجزء الاول من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثاني من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثالث من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الرابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الخامس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السادس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السابع و الاخير من حكاية علي شار و الجارية زمردة
الى اللقاء في الجزء السابع و الاخير
رابط الجزء الاول من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثاني من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثالث من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الرابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الخامس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السادس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السابع و الاخير من حكاية علي شار و الجارية زمردة
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم