حكاية علي شار مع الجارية زمردة (الجزء الرابع )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...فعلمت الجارية العجوز أنه عاشق مفارق فقالت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يا ولدي أشتهي منك أن تحكي خبر مصيبتك عسى الله أن يقدرني على مساعدتك عليها بمشيئتة فحكى لها جميع ما وقع له مع برسوم النصراني أخ الكاهن الذي سمى نفسه رشيد الدين فلما علمت ذلك قالت له: يا ولدي إنك معذور ثم أفاضت دمع العين وأنشدت هذين البيتين:
كفى المحبين في الدنيا عذابهم * * *
تالله لا عذبتهم بعدها سقـر
تالله لا عذبتهم بعدها سقـر
لأنهم هلكوا عشقاً وقد كتموا * * *
مع العفاف بهذا يشهد الخبر
مع العفاف بهذا يشهد الخبر
فلما فرغت من شعرها قالت له: يا ولدي قم واشتر قفصاً مثل أقفاص أهل الصاغة واشتر أساور وخواتم وحلقاً يصلح للنساء ولا تبخل بالمال وضع جميع ذلك في القفص وهات القفص وأنا أضعه على رأسي في صورة دلالة وأدور وأفتش عليها في البيوت حتى أقع على خبرها إن شاء الله تعالى. ففرح علي شار بكلامها وقبل يدها ثم ذهب بسرعة وأتى بما طلبته فلما أحضر ما طلبته منه عندها قامت ولبست مرقعة ووضعت على رأسها آزاراً عسلياً وأخذت في يدها عكازاً وحملت القفص ودارت في العطف والبيوت ولم تزل دائرة من مكان إلى مكان ومن حارة إلى حارة ومن درب إلى درب إلى أن دلها الله تعالى على قصر الملعون رشيد الدين النصراني فسمعت من داخله أنيناً فطرقت الباب. فنزلت لها جارية ففتحت لها الباب وسلمت عليها فقالت لها العجوز: معي هذه الحويجات للبيع هل عندكم من يشتري منها شيئاً فقالت لها الجارية: نعم ثم أدخلتها الدار وأجلستها وجلس الجواري حولها وأخذت كل واحدة شيئاً منها وصارت العجوز تلاطف الجواري وتتساهل معهن في الثمن ففرح بها الجواري بسبب معروفها ولين كلامها وهي تتأمل من جهات المكان على صاحب الأنين فلاحت منها التفاتة إليها فحابتهم وأحسنت إليهم وتأملت فوجدت زمردة مطروحة فعرفتها فبكت وقالت لهم: يا أولادي ما بال هذه الصبية في هذا الحال ؟ فحكى الجواري كل القصة وقلن لها : الأمر ليس باختيارنا ولكن سيدنا أمر بهذا وهو مسافر الآن ، فقالت لهم : يا أولادي لي عندكم حاجة وهي أنكم تحلون هذه المسكينة من الرباط إلى أن تعلموا بمجيء سيدكم فتربطوها كما كانت وتكسبوا الأجر من رب العالمين فقلن لها : سمعاً وطاعة ثم إنهم حلوها وأطعموها وسقوها، ثم قالت العجوز : يا ليت رجلي انكسرت ولا دخلت لكم . وبعد ذلك ذهبت إلى زمرد وقالت لها : يا ابنتي سلامتك سيفرج الله عنك ثم ذكرت لها إنها من عند سيدها علي شار وواعدتها أنها في ليلة غد تكون حاضرة وتلقي سمعها للحس وقالت لها: إن سيدك ياتي إليك تحت مصطبة القصر ويصفر لك فإذا سمعت ذلك فانزلي له من الطاقة بحبل وهو يأخذك ويمضي فشكرتها على ذلك. ثم خرجت العجوز وذهبت إلى علي شار وأعلمته وقالت له : توجه في الليلة القابلة نصف الليل إلى الحارة الفلانية فإن بيت الملعون هناك وعلامته كذا وكذا فقف تحت قصره وصفر فإنها تتدلى إليك فخذها وامضِ بها إلى حيث شئت ، فشكرها على ذلك ، ثم إنه صبر إلى أن جن الليل وجاء وقت الميعاد فذهب إلى تلك الحارة التي وصفتها له جارته ورأى القصر فعرفه وجلس على مصطبة تحته وغلبه النوم فنام وجل من لا ينام ، وكان له مدة لم ينم من الوجد الذي به ، فبينما هو نائم. وإذا بلص من اللصوص خرج تلك الليلة في أطراف المدينة ليسرق شيئاً فرمته المقادير تحت قصر ذلك النصراني فدار حوله فلم يجد سبيلاً إلى الصعود إليه فرأى علي شار نائماً فأخذ عمامته وبعد أن أخذها لم يشعر إلا وزمرد طلعت في ذلك الوقت فرأته واقفاً في الظلام فحسبته سيدها فصفرت له فصفر لها الحرامي فتدلت بالحبل وصحبتها خرج ملآن ذهباً، فلما رآه اللص قال في نفسه: ما هذا إلا أمر عجيب له سبب غريب. ثم حمل الخرج وحملها على أكتافه وذهب بهما مثل البرق الخاطف فقالت له: لقد أخبرتني العجوز أنك ضعيف بسببي وها أنت أقوى من الفرس فلم يرد عليها جواباً فحست على وجهه فوجدت لحيته مثل مقشة الحمام وكأنه خنزيراً ابتلع ريشاً فطلع زغبه من حلقه ففزعت منه وقالت له: أي شيء أنت فقال لها: يا عاقرة أنا جوان الكردي من جماعة أحمد الدنف ونحن أربعون شاطراً وكلهم في هذه الليلة يفسقون في رحمك من العشاء إلى الصباح. فلما سمعت كلامه بكت ولطمت وجهها وعلمت أن القضاء غلب عليها وأنه لا حيلة إلا التفويض إلى الله تعالى ، فصبرت وسلمت الحكم إلى الله تعالى وقالت: لا إله إلا الله كلما خلصنا من هم وقعنا في هم أكبر، وكان السبب في مجيء جوان إلى هذا المحل أنه قال لأحمد الدنف : يا شاطر أنا دخلت هذه المدينة قبل الآن وأعرف فيها غاراً خارج البلد يسع أربعين نفساً وأنا أريد أن أسبقكم إليه وأخلي أمي من ذلك الغار ثم أعود إلى المدينة وأسرق منها شيئاً على بختكم وأحفظه على اسمكم إلى أن تحضروا فتكون ضيافتكم في هذا النهار من عندي. فقال له أحمد الدنف: افعل ما تريد فخرج قبلهم وسبقهم إلى ذلك المحل ووضع أمه في ذلك الغار، ولما خرج من الغار رأى جندياً راقداً وعنده فرس مربوط فذبحه وأخذ فرسه وسلاحه وثيابه وأخفاها في الغار عند أمه وربط الحصان هناك ثم رجع إلى المدينة ومشى حتى وصل إلى قصر النصراني وفعل ما تقدم ذكره من أخذ زمرد الجارية، ولم يزل يجري بها إلى أن حطها عند أمه وقال لها: احتفظي عليها إلى حين أعود إليك في بكرة النهار ثم ذهب. فقالت زمرد في نفسها: وما هذه الغفلة عن خلاص روحي بالحيلة كيف أصبر إلى أن يجيء هؤلاء الأربعون رجلاً فيتعاقبون علي حتى يجعلوني كالمركب الغريقة في البحر ثم إنها التفتت إلى العجوز أم جوان وقالت لها: يا خالتي أما تقومين بنا إلى الخارج حتى أفليك في الشمس فقالت: أي والله يا ابنتي فإن لي مدة وأنا بعيدة عن الحمام لأن هؤلاء الخنازير لم يزالوا دائرين بي من مكان إلى مكان فخرجت معها فصارت تفليها وتقتل القمل من رأسها إلى أن استلذت بذلك ورقدت فقامت زمرد ولبست ثياب الجندي الذي قتله جوان الكردي وشدت سيفه في وسطها وتعممت بعمامته حتى صارت كأنها رجل وركبت الفرس وأخذت خرج الذهب معها وقالت: يا جميل الستر استرني بجاه محمد صلى الله عليه وسلم ثم إنها قالت في نفسها: إن رحت إلى البلد ربما يراني أحداً من أهل الجندي فلا يحصل لي خير ثم اعرضت عن دخول المدينة وسارت في البر الأقفر، ولم تزل سائرة بالخرج والفرس وتأكل من نبات الأرض وتطعم الفرس منه وتشرب من الأنهار مدة عشرة أيام وفي اليوم الحادي عشر أقبلت على مدينة طيبة أمينة بالخير مكينة قد ولى عنها فصل الربيع بزهره وورده فزهت أزهارها وتدفقت أنهارها وغردت أطيارها فلما وصلت إلى المدينة وقربت من بابها وجدت العساكر والأمراء وأكابر أهل المدينة كلهم مجتمعون ببابها ولا بد لذلك من سبب. ثم إنها قصدتهم فلما قربت منهم تسابق العساكر وترجلوا وقبلوا الأرض بين يديها وقالوا: الله ينصرك يا مولانا السلطان واصطفت بين يديها أرباب المناصب العساكر يرتبون الناس ويقولون لها: الله ينصرك، ويجعل قدومك مباركاً على المسلمين يا سلطان العالمين ثبتك الله يا ملك الزمان يا فريد العصر والأوان فقالت لهم زمرد: ما خبركم يا أهل هذه المدينة ؟ فقال الحاجب: إنه أعطاك من لا يبخل بالعطاء وجعلك سلطاناً على هذه المدينة وحاكماً على رقاب جميع من فيها واعلم أن عادة أهل هذه المدينة إذا مات ملكهم ولم يكن له ولد تخرج العساكر إلى ظاهر المدينة ويمكثون ثلاثة أيام فأي إنسان جاء من طريقك التي جئت منها يجعلونه سلطاناً عليهم والحمد لله الذي ساق لنا إنساناً من أولاد الترك جميل الوجه فلو طلع علينا أقل منك كان سلطاناً وكانت زمرد صاحبة رأي في جميع أفعالها فقالت: لا تحسبوا أنني من أولاد عامة الأتراك بل أنا من أولاد الأكابر لكنني غضبت من أهلي فخرجت من عندهم وتركتهم وانظروا إلى هذا خرج الذهب الذي جئت به تحتي لأتصدق منه على الفقراء والمساكين طول الطريق فدعو لها وفرحوا بها غاية الفرح وكذلك زمرد فرحت بهم، ثم قالت في نفسها بعد أن وصلت إلى هذا الأمر.
الى اللقاء في الجزء الخامس فلا تبخلوا علينا بمتابعة المدونة و الاعجاب بها و مشاركة القصة
رابط الجزء الاول من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثاني من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثالث من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الرابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الخامس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السادس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
الى اللقاء في الجزء الخامس فلا تبخلوا علينا بمتابعة المدونة و الاعجاب بها و مشاركة القصة
رابط الجزء الاول من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثاني من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الثالث من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الرابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء الخامس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السادس من حكاية علي شار و الجارية زمردة
رابط الجزء السابع من حكاية علي شار و الجارية زمردة
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم