حكاية علي شار مع زمردة الجارية ( الجزء الثالث )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
ان علي شار قال في نفسه : هذا رجل ذمي وقصدني في شربة ماء والله لا أخيبه ثم دخل البيت وأخذ كوز ماء فرأته جاريته زمرد فقالت : يا حبيبي هل بعت الستر؟ قال: نعم. قالت: لتاجر أو لعابر سبيل قد أحس قلبي بالفراق . قال : ما بعته إلا لتاجر قالت: أخبرني بحقيقة الأمر حتى أتدارك شأني وما بالك أخذت كوز الماء قال : لأسقي الدلال . فقالت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ثم أنشدت هذين البيتين:
يا طالباً للفراق مهـلاً * * *
فلا يغرنك العـنـاق
فلا يغرنك العـنـاق
مهلاً فطبع الزمان غدر * * *
وآخر الصحبة الفراق
وآخر الصحبة الفراق
ثم خرج بالكوز فوجد النصراني داخلاً في دهليز البيت فقال له : هل وصلت إلى هنا يا كلب ؟ كيف تدخل بلا أذني ؟ فقال: يا سيدي لا فرق بين الباب والدهليز وما بقيت أتنقل من مكاني هذا إلا للخروج وأنت لك الفضل والإحسان والجود والإمتنان ثم إنه تناول كوز الماء وشرب منه وبعد ذلك ناوله إلى علي شار فأخذه وانتظره أن يقوم فما قام فقال له : لأي شيء لم تقم وتذهب في حال سبيلك؟ فقال: يا مولاي إني قد شربت ولكن أريد منك تطعمني مهما كان في البيت حتى إذا كان كسرة قرقوشة وبصلة ، فقال له: قم بلا مماحكة ما في البيت شيء، فقال: يا مولاي إن لم يكن في البيت شيء فخذ هذه المائة دينار وائتني بشيء من السوق ولو برغيف واحد ليصير بيني وبينك خبز وملح. فقال علي شار في سره إن هذا النصراني مجنون فأنا آخذ منه المائة دينار آتي له بشيئ يساوي درهمين وأضحك عليه فقال النصراني: يا سيدي إنما أريد شيئاً يطرد الجوع ولو رغيفاً واحداً وبصلة فخير الزاد ما دفع الجوع. فقال علي شار: اصبر هنا حتى أقفل القاعة وآتيك بشيء من السوق، فقال: سمعاً وطاعة ثم خرج وقفل القاعة وحط على الباب كيلو وأخذ المفتاح معه وذهب إلى السوق واشترى جبناً مقلياً وعسلاً أبيض وموزاً وخبزاً وأتى به إليه فلما نظر النصراني إلى ذلك قال: يا مولاي هذا شيء كثير يكفي عشرة رجال وأنا وحدي فلعلك تأكل معي فقال له: كل وحدك فإني شبعان فقال له: يا مولاي قالت الحكماء: من لم يأكل مع ضيفه فهو ولد زنا. فلما سمع علي شار من النصراني هذا الكلام جلس وأكل معه شيئاً قليلاً وأراد أن يرفع يده فاخذ النصراني موزة وقشرها وشقها نصفين وجعل في نصفها بنجاً مكرراً ممزوجاً بأفيون القليل منه يرمي الفيل ، ثم غمس نصف الموزة في العسل وقال: يا مولاي وحق دينك أن تأخذ هذه فاستحى علي شار أن يحنثه في يمينه فأخذها منه وابتلعها فما استقرت في بطنه ، حتى سبقت رأسه رجليه وصار كأنه له سنة وهو راقد. فلما رأى النصراني ذلك قام على قدميه كأنه ذئب معط أو قضاء مسلط وأخذ منه مفتاح القاعة وتركه مرمياً وذهب يجري إلى أخيه وأخبره بالخبر وسبب ذلك أن أخا النصراني هو الشيخ الهرم الذي أراد أن يشتريها بألف دينار فلم ترض به وهجته بالشعر وكان كافراً في الباطن ومسلماً في الظاهر وسمى نفسه رشيد الدين ولما هجته ولم ترض به شكا إلى أخيه النصراني الذي تحيل في أخذها من سيدها علي شار وكان اسمه برسوم. فقال له: لا تحزن فأنا أتحيل لك أخذها بلا درهم ولا دينار لأنه كان كاهناً ماكراً مخادعاً فاجراً ثم إنه لم يزل يمكر ويتحيل حتى عمل الحيلة التي ذكرناها وأخذ المفتاح وذهب إلى أخيه وأخبره بما حصل وركب بغلته وأخذ غلمانه وتوجه مع أخيه إلى بيت علي شار وأخذ معه كيساً فيه ألف دينار إذا صادفه الوالي فيعطيه إياه ففتح القاعة وهجمت الرجال الذين معه على زمرد وأخذوها قهراً وهددوها بالقتل إن تكلمت وتركوا المنزل على حاله ولم يأخذوا منه شيئاً وتركوا علي شار راقداً في الدهليز ثم ردوا الباب عليه وتركوا مفتاح القاعة في جانبه ومضى بها النصراني إلى قصره ووضعها بين جواريه وسراريه وقال لها: يا فاجرة أنا الشيخ الذي ما رضيت به وهجوتيني وقد أخذتك بلا درهم ولا دينار. فقالت له وقد تغرغرت عيناها بالدموع : حسبك الله يا شيخ السوء حيث فرقت بيني وبين سيدي فقال لها : يا فاجرة يا عشاقة سوف تنظرين ما أفعل بك من العذاب وحق المسيح والعذراء إن لم تطاوعيني وتدخلي في ديني لأعذبنك بأنواع العذاب فقالت له : لو قطعت لحمي قطعاً ما أفارق دين الإسلام ولعل الله تعالى يأتيني بالفرج القريب إنه على ما يشاء قدير وقد قالت العقلاء: مصيبة في الأبدان ولا مصيبة في الأديان . فعند ذلك صاح على الخدم والجواري وقال لهم: اطرحوها فطرحوها وما زال يضربها ضرباً عنيفاً وصارت تستغيث فلا تغاث ثم أعرضت عن الإستغاثة وصارت تقول: حسبي الله وكفى إلى أن انقطع نفسها وخفي أنينها واشتفى قلبه منها ثم قال للخدم : اسحبوها من رجليها وارموها في المطبخ ولا تطعموها شيئاً ثم بات الملعون تلك الليلة ولما أصبح الصباح طلبها وكرر عليها الضرب وأمر الخدم أن يرموها في مكانها ففعلوا فلما رد عليها الضرب قالت: لا إله إلا الله محمد رسول الله حسبي الله ونعم الوكيل ثم اسغاثت بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. هذا ما كان من أمرها وأما ما كان من امر علي شار فإنه لم يزل راقداً إلى ثاني يوم ثم طار البنج من رأسه ففتح عينيه وصاح قائلاً: يا زمرد فلم يجبه أحد فدخل القاعة فوجد الجو قفراً والمزار بعيداً فعلم أنه ما جرى عليه هذا الأمر إلا من النصراني فحن وبكى وأن واشتكى وأفاض العبرات وأنشد هذه الأبيات:
يا وجد لا تبقى عـلـي ولا تـذر * * *
ها مهجتي بين المشقة والخطـر
ها مهجتي بين المشقة والخطـر
يا سادتي رقوا لـعـبـدٍ ذل فـي * * *
شرع الهوى وغني قوم افتـقـر
شرع الهوى وغني قوم افتـقـر
ما حيلة الرامي إذا التقت الـعـدا * * *
وأراد يرمي السهم فانقطع الوتـر
وأراد يرمي السهم فانقطع الوتـر
وإذا تكاثرت الهموم على الفـتـى * * *
وتراكمت أين المفر من الـقـدر
وتراكمت أين المفر من الـقـدر
ولكم أحاذر من تفرق شـمـلـنـا * * *
ولكن إذا نزل القضاء عمي البصر
ولكن إذا نزل القضاء عمي البصر
وندم حيث لا ينفعه الندم وبكى ومزق أثوابه وأخذ بيديه حجرين ودار حول المدينة وصار يدق بهما في صدره ويصيح قائلاً: يا زمرد فدارت الصغار حوله وقالوا مجنون فكل من عرفه بكى عليه ويقول هذا فلان ما الذي جرى له ولم يزل على هذه الحالة إلى آخر النهار فلما جن عليه الليل نام في بعض الأزقة إلى الصباح ثم أصبح دائراً بالأحجار حول المدينة إلى آخر النهار وبعد ذلك رجع إلى قاعته ليبيت فيها فنظرته جارية وكانت امرأة عجوز من أهل الخير فقالت له: يا ولدي سلامتك متى جننت فأجابها بهذين البيتين:
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهـم * * *
ما لذ العيش إلا للـمـجـانـين
ما لذ العيش إلا للـمـجـانـين
دعوا جنوني وهاتوا من جننت بـه * * *
إن كان يشفي جنوني ولا تلوموني
الى اللقاء في الجزء الرابع فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و الاعجاب و مشاركة القصة و التعليق لتزدان المدونة جمالا
إن كان يشفي جنوني ولا تلوموني
الى اللقاء في الجزء الرابع فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و الاعجاب و مشاركة القصة و التعليق لتزدان المدونة جمالا
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم