random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

حكاية تودد الجارية و فصاحتها مع هارون الرشيد (الجزء الاول )

حكاية تودد الجارية و فصاحتها مع هارون الرشيد ( الجزء الثاني )

حكاية تودد الجارية و فصاحتها مع هارون الرشيد ( الجزء الاول )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...

كان يا مكان في سالف العصر و الاوان ،  يحكى أنه كان ببغداد رجل ذو مقدار ، وكان موسر بالمال والعقار ، وهو من التجار الكبار، وقد سهل عليه دنياه ولم يبلغه من الذرية ما يتمناه ،  ومضت عليه مدة من الزمان و لم يرزق بأناث ولا ذكور ، فكبر سنه ورق عظمه وانحنى ظهره وكثر وهنه وهمه ، فخاف ذهاب ماله ونسبه إذ لم يكن له ولد يرثه و يذكر به،  فتضرع إلى الله تعالى وصام النهار، وقام الليل، ونذر النذور لله تعالى الحي القيوم، وزار الصالحين، وأكثر التضرع إلى الله تعالى فاستجاب الله له وتقبل دعاؤه ورحم تضرعه وشكواه ، فما كان إلا قليل من الأيام حتى جامع إحدى نسائه فحملت منه في ليلتها ووقتها وساعتها وأتمت أشهرها ووضعت حملها وجاءت بذكر كأنه فلقة قمر، فأوفى بالنذر وشكر الله عز وجل ، وتصدق وكسا الأرامل والأيتام، وليلة سابع الولادة سماه بأبي الحسن فرضعته المراضع وحضنته الحواضن وحملته المماليك والخدم إلى أن كبر ونشأ وترعرع وانتشى، وتعلم القرآن العظيم وفرائض الإسلام وأمور الدين القويم والخط والشعر والحساب والرمي بالنشاب ، فكان فريد دهره وأحسن أهل زمانه وعصره ، ذا وجه مليح و لسان فصيح ، يتهادى تمايلاً واعتدالاً ويترامى تدللاً واختيالاً بخد أحمر وجبين أزهر وعذار أخضر، كما قال فيه بعض واصفيه:
  بدا الربيع العذار للـحـدق * * *     
والورد بعد الربيع كيف بقي .
أما ترى النبت فوق عارضه * * *     
 بنفسجاً طالعاً مـن الـورق .
 فأقام مع أبيه برهة من الزمن في أحسن حال وأبوه به فرح و مسرور ،  إلى أن بلغ مبالغ الرجال  ،  فأجلسه أبوه بين يديه يوماً من الأيام وقال له: يا ولدي انه قد قرب الأجل وحانت وفاتي ،  ولم يبق غير لقاء الله عز وجل  ،  وقد خلفت لك ما يكفيك إلى ولد الولد من المال المتين والضياع والأملاك والبساتين ،  فاتق الله تعالى يا ولدي فيما خلفته لك ولا تمتع من رفدك ، فلم يكن إلا قليل حتى مرض الرجل ومات ،  فجهزه ولده أحسن تجهيز ودفنه ،  ورجع إلى منزله وقعد للعزاء أياماً وليالي  ، وإذا بأصحابه قد دخلوا عليه وقالوا له: من خلف مثلك ما مات ، وكل ما فات فقد فات وما يصلح العزاء إلا للبنات والنساء ، ولم يزالوا به حتى دخل الحمام ودخلوا عليه وفكوا حزنه ، و نسي وصية أبيه  ، وذهل لكثرة المال وظن أن الدهر يبقى معه على حال ، وأن المال ليس له زوال فأكل وشرب ولذ وطرب وخلع ووهب وجاد بالذهب ولازم أكل الدجاج  ، وفض ختم الزجاج وقهقهة القناني واستماع الأغاني، ولم يزل على هذا الحال إلى أن نفذ المال وقعد الحال وذهب ما كان لديه وسقط في يديه ، ولم يبق له بعد أن أتلف ما أتلف غير وصيفة خلفها له والده من جملة ما خلف وكانت الوصيفة هذه ليس لها نظير في الحسن والجمال والبهاء والكمال والقد والاعتدال وهي ذات فنون وآداب وفضائل تستطاب ،  قد فاقت أهل عصرها وأوانها، وصارت أشهر من علم في افتتانها ،  وزادت على الملاح بالعلم والعمل والتثني والميل مع كونها خماسية القد  ، مقارنة للسعد بجبينين كأنهما هلال شعبان وحاجبين أزجين ، وعيون كعيون غزلان وأنف كخد الحسام ، وخد كشقائق النعمان ، وفم كخاتم سليمان وأسنان كأنها عقود الجمان ، وسرة تسع أوقية دهن بان ، وخصر أنحل من جسم من أضناه الهوى وأسقمه الكتمان وردف أثقل من الكثبان ، وبالجملة فهي في الحسن والجمال جديرة بقول من قال:
 إن أقبلت بحسـن قـوامـهـا* * *       
 أو أدبرت قتلت بصد فراقهـا
شمسية بـدرية غـصـن * * *         
 ليس الجفا والبعد من أخلاقها
جنات عدن تحت جيب قميصها * * *   
والبدر في فلك على أطواقها
تسلب من يراها بحسن جمالها وبريق ابتسامتها وترميه بعيونا نبل سهامها ، وهي مع هذا كله فصيحة الكلام حسنة النظام فلما نفذ جميع ماله وتبين سوء حاله ولم يبق معه غير هذه الجارية أقام ثلاثة أيام، وهو لم يذق طعم طعام ولم يسترح في منام، فقالت له الجارية: يا سيدي احملني إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد، الخامس من بني العباس ، واطلب ثمني منه عشرة آلاف دينار فإن استغلاني فقل له : يا أمير المؤمنين وصيفتي تساوي أكثر من ذلك فاختبرها يعظم قدرها في عينك ،لأن هذه الجارية ليس لها نظير ولا تصلح إلا لمثلك. ثم قالت له : إياك أن تبيعني بدون ما قلت لك من الثمن فإنه قليل في مثلي ، وكان سيد الجارية لا يعلم قدرها ولا يعرف أنها ليس لها نظير في زمانها، ثم أنه حملها إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد وقدمها له وذكر ما قالت ، فقال لها الخليفة : ما اسمك ؟ قالت : اسمي تودد. قال : يا تودد ما تحسنين من العلوم ؟ قالت : يا سيدي إني أعرف النحو والشعر والفقه والتفسير واللغة وأعرف فن الموسيقى وعلم الفرائض والحساب والقسمة والمساحة وأساطير الأولين ، وأعرف القرآن العظيم ،وقد قرأته بالسبع والعشر وبالأربع عشرة ، وأعرف عدد سوره وآياته وأحزابه وأنصافه وأرباعه وأثمانه وأعشاره وسجداته وعدد أحرفه ، وأعرف ما فيه من الناسخ والمنسوخ ، والمدنية والمكية ، وأسباب التنزيل، وأعرف الحديث الشريف دراية ورواية المسند منه والمرسل ، ونظرت في علوم الرياضة والهندسة والفلسفة وعلم الحكمة والمنطق ، والمعاني والبيان، وحفظت كثيراً من العلم ، وتعلقت بالشعر وضربت العود ، وعرفت مواضع النغم فيه ومواقع حركات أوتاره، فإن غنيت ورقصت فتنت ، وإن تزينت وتطيبت قتلت ، وبالجملة فإني وصلت إلى شيء لم يعرفه إلا الراسخون في العلم . فلما سمع الخليفة هارون الرشيد كلامها على صغر سنها تعجب من فصاحة لسانها والتفت إلى مولاها وقال : إني أحضر من يناظرها في جميع ما ادعته ، فإن أجابت دفعت لك ثمنها وزيادة ، وإن لم تجب فأنت أولى بها . فقال مولاها : يا أمير المؤمنين حباً وكرامة ، فكتب أمير المؤمنين إلى عامل البصرة بأن يرسل إليه إبراهيم بن سيار النظام ، وكان أعظم أهل زمانه في الحجة والبلاغة والشعر والمنطق، وأمره أن يحضر القراء والعلماء والأطباء والمنجمين والحكماء والمهندسين والفلاسفة ، وكان ابراهيم أعلم من الجميع فما كان إلا قليل حتى حضروا دار الخلافة وهم لا يعلمون الخبر، فدعاهم أمير المؤمنين إلى مجلسه وأمرهم بالجلوس فجلسوا ، ثم أمر أن تحضر الجارية تودد فحضرت ،وأظهرت نفسها وهي كأنها كوكب دري، فوضع لها كرسي من ذهب فسلمت ، ونطقت بفصاحة لسان وقالت : يا أمير المؤمنين مر من حضر من العلماء والقراء والأطباء والمنجمين والحكماء والمهندسين والفلاسفة أن يناظروني . فقال لهم أمير المؤمنين : أريد منكم أن تناظروا هذه الجارية في أمر دينها ، وأن تدحضوا حجتها في كل ما ادعته فقالوا : السمع والطاعة لله ولك يا أمير المؤمنين ، فعند ذلك أطرقت الجارية  برأسها إلى الأرض وقالت : أيكم الفقيه العالم المقري المحدث ؟ فقال أحدهم : أنا ذلك الرجل الذي طلبت  ، فقالت له: اسأل عما شئت قال لها : أنت قرأت كتاب الله العزيز وعرفت ناسخه ومنسوخه وتدبرت آياته وحروفه قالت : نعم فقال لها : أسألك عن الفرائض الواجبة والسنن القائمة فأخبريني أيتها الجارية عن ذلك، ومن ربك ومن إمامك وما قبلتك وأخوانك وما طريقك وما منهاجك ؟ قالت: الله ربي ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي والقرآن إمامي والكعبة قبلتي والمؤمنون أخواني والخير طريقي والسنة منهاجي . فتعجب الخليفة من قولها ومن فصاحة لسانها على صغر سنها ثم قال لها الفقيه : أيتها الجارية أخبريني بما عرفت الله تعالى ؟ قالت : بالعقل ، قال : وما العقل ؟ قالت : العقل عقلان عقل موهوب وعقل مكسوب ، فالعقل الموهوب هو الذي خلقه الله عز وجل يهدي به من يشاء من عباده ، والعقل المكسوب هو الذي يكسبه المرء بتأدبه وحسن معروفه فقال لها : أحسنت ثم قال : أين يكون العقل ؟ قالت: يقذفه الله في القلب فيصعد شعاعه في الدماغ حتى يستقر قال لها : أحسنت ثم قال : أخبريني بما عرفت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بقراءة كتاب الله تعالى وبالآيات والدلالات والبراهين والمعجزات قال : أحسنت فأخبريني عن الفرائض الواجبة والسنن القائمة ؟ قالت : أما الفرائض الواجبة فخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمد عبده ورسوله ، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان ، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً ، وأما السنن فهي أربع : الليل و النهار و الشمس و القمر ، و هن يدنين العمر والأمل وليس يعلم ابن آدم أنهن يهدمن الأجل ، قال : أحسنت فأخبريني ما شعائر الإيمان ؟ قالت: شعائر الإيمان الصلاة والزكاة والصوم والحج واجتنبا الحرام. وقال: أحسنت أخبريني بأي شيء تقومين إلى الصلاة ؟ قالت: بنية العبودية مقرنة بالربوبية قال: فأخبريني كم فرض الله عليك قبل قيامك إلى الصلاة ؟ قالت: الطهارة وستر العورة واجتناب الثياب المتنجسة والوقوف على مكان طاهر والتوجه للقبلة والنية وتكبيرة الإحرام . قال: أحسنت فاخبريني بم تخرجين بنيتك إلى الصلاة ؟ قالت: بنية العبادة قال: فبأي نية تدخلين المسجد؟ قالت: بنية الخدمة قال: فبماذا تستقبلين القبلة ؟ قالت: بثلاث فرائض وسنة قال : أحسنت فأخبريني ما مبدأ الصلاة وما تحليلها وما تحريمها ؟ قالت : مبدأ الصلاة الطهور وتحريمها تحريمة تكبيرة الإحرام وتحليل السلام من الصلاة قال : فماذا يجب على من تركها ؟ قالت: روي في الصحيح من ترك الصلاة عامداً متعمداً من غير عذر فلا حظ له في الإسلام . 
لا تدعو الجزء الثاني يفوتكم ...الى اللقاء في الجزء الثاني و لا تنسوا متابعة المدونة و الاشتراك بها ليصلكم كل جديد.

رابط الجزء الاول من حكاية تودد الجارية و فصاحتها مع هارون الرشيد
رابط الجزء الثاني من حكاية تودد الجارية و فصاحتها مع هارون الرشيد 
رابط الجزء الثالث من حكاية تودد الجارية و فصاحتها مع هارون الرشيد 

شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

السباق نحو العلا

2016