random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

حكاية أنس الوجود مع محبوبته الورد في الأكمام (الجزءالثالث)

حكاية أنس الوجود مع محبوبته الورد في الأكمام (الجزء الثاني)

حكاية أنس الوجود مع محبوبته الورد في الأكمام (الجزءالثالث)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ......

فلا فرغت الورد في الاكمام من شعرها طلعت إلى سطح القصر وأخذت أثواباً بعلبكية وربطت نفسها فيها حتى وصلت إلى الأرض وقد كانت لابسة أفخر ما عندها من اللباس وفي عنقها عقد من الجواهر وسارت في تلك البراري والقفار حتى وصلت إلى شاطئ البحر فرأت صياداً في مركب دائر في البحر يصطاد فرماه الريح على تلك الجزيرة فالتفت فرأى الورد في الأكمام في تلك الجزيرة ، فلما رآها فزع منها وخاف وقال هل انت انسية ام جنية ؟! فانشدت له تلك الابيات :-

 يا أيها الصياد لا تخشى الـكـدر * * *      
 فانني إنسية مـثـل الـبـشـر
 أريد منك أن تجـيب دعـوتـي  * * *       
 وتسمعن قولي بإسناد الـخـبـر
فارحم وقال الله حر صبـوتـي  * * *       
 إن أبصرت عيناك محبوباً نفـر
 فإنني أهوى ملـيحـاً وجـهـه  * * *         
 فاق وجه الشمس نور القـمـر
والظبي لمـا رأى ألـحـاظـه* * *            
قد قال إني عبده ثـم اعـتـذر
 قد كتب الحسن على وجـنـتـه * * *        
 سطراً بديعاً في المعاني مختصر
 فمن رأى نور الهوى قد اهتـدى * * *     
 أما الذي ضل تعـدى وكـفـر
 إن شاء تعذيبـي بـه يا حـبـذا * * *         
فكل ما ألـقـاه أجـراً وأجـر
 ومن يواقيت ومـا أشـبـهـهـا  * * *         
ولؤلؤ رطـب وأنـواع الـدرر
عسى حبيبي أن يوحي بالمـنـى  * * *     
 فإن قلبي ذاب شوقاً وانفـطـر
فلما سمع الصياد كلامها أرسى مركبه على البر وقال لها : انزلي في المركب حتى أعدي بك إلى أي موضع تريدين فنزلت في المركب وعوم بها فلما فارق البر بقليل هبت على المركب ريح من خلفها فسارت المركب بسرعة حتى غاب البر عن أعينهما ، وصار الصياد لا يعرف أن يذهب ومكث اشتداد الريح مدة ثلاثة أيام ثم سكن الريح بإذن الله تعالى ولم تزل المركب تسير بهما حتى وصلت إلى مدينة على شاطئ البحر، أراد الصياد أن يرسي مركبه على تلك المدينة وكان فيها ملك عظيم السطوة يقال له درباس وكان في ذلك الوقت جالساً هو وابنه في قصر مملكته وصارا ينظران من شباك القصر فالتفتا إلى جهة البحر فرأيا تلك المركب فتأملاها فوجدا فيها صبية كأنها البدر في أفق السماء وفي أذنيها حلق من البلخش الغالي وفي عنقها عقد من الجوهر النفيس فعرف الملك أنها من بنات الأكابر والملوك فنزل الملك من قصره وخرج من باب القيطون فرأى المركب قد رست على الشاطئ وكانت البنت نائمة والصياد مشغولاً بربط المركب فأيقظها الملك من منامها فاستيقظت وهي تبكي فقال لها الملك : من أين أنت وابنة من أنت وما سبب مجيئك هنا ؟ !  فقالت له الورد في الأكمام : أنا ابنة إبراهيم وزير الملك الشامخ وسبب مجيئي هنا أمر عجيب وحكت له جميع قصتها من أولها إلى آخرها ولم تخف عنه شيئاً ثم صعدت الزفرات وأنشدت هذه الأبيات:
 قد قرح الدمع جفني فاقتضى عجبـاً* * *         
من التكدر لما فاض وانـسـكـبـا
من أجل خل سوى في مهجتي أبـداً * * *       
 ولم أنل في الهوى من وصله أربـا
له محيا جـمـيل بـاهـر نـضـر  * * *            
وفي الملاحة فاق الترك والعـربـا
 والشمس والبدر قد مالا لطلـعـتـه * * *          
كالصب والتزما في حـبـه الأدبـا
وطرفه بعجيب السحر مكـتـحـل * * *          
 يريك قوساً لرمي السهم منتصـبـا
يا من له حالتي أوضحت معـتـذراً * * *        
 ارحم محباً به صرف الهوى لعـبـا
إن الهوى قد رماني في وسط ساحتكم  * * *   
 ضعيف عزم ومنكم ارتجى حسـبـا
إن الكرام إذا ما حل سـاحـتـهـم * * *          
 مستحسب فحماهم يرفع الحـسـبـا
فاستر فضائح أهل العشق يا أمـلـي * * *       
 وكن لوصلتـهـم يا سـيدي سـبـا
فلما فرغت من شعرها حكت للملك قصتها من أولها إلى آخرها فقال لها : لا خوف عليك ولا فزع قد وصلت إلى مرادك ، فلا بد أن أبلغك  الى ما تريدينه وأوصل إليك ما تطلبينه فاسمعي مني هذه الكلمات ثم أنشد هذه الأبيات:
 بنت الكرام بلغت القصد والأربا* * *           
 لك البشارات لا تخشى هنا نصبا
 اليوم أجمع أمـوالاً وأرسـلـهـا * * *            
 لشامخ صحبة الفرسان والنجـبـا
 نوافح المسك والديباج أرسـلـهـا  * * *           
 وأرسل الفضة البيضاء والذهبـا
 نعم وتخبره عني مـكـاتـبـتـي  * * *             
 أني مريداً له صهراً ومنتـسـبـا
وأبذل اليوم جهدي في معـاونـه * * *           
 حتى يكون الذي تهوين مقتـربـا
 قد ذقت طعم الهوى دهراً وأعرفه * * *          
وأعذر اليوم من كأس الهوى شربا
فلما فرغ من شعره خرج إلى عسكره ودعا بوزيره وحزم له مالاً لا يحصى وأمره أن يذهب بذلك إلى الملك الشامخ وقال له : لا بد أن تأتيني بشخص اسمه أنس الوجود وقل له : أنه يريد مصاهرتك بأن يزوج ابنته لأنس الوجود تابعك فلا بد من إرساله معي حتى نعقد عقده عليها في مملكة أبيها ثم أن الملك درباس كتب مكتوباً للملك الشامخ بمضمون ذلك وأعطاه لوزيره وأكد عليه في الإتيان بأنس الوجود وقال له: إن لم تأتني به تكون معزولاً عن مرتبتك فقال له : سمعاً وطاعة ثم توجه بالهدية إلى الملك الشامخ فلما وصل إليه بلغه السلام عن الملك درباس وأعطاه المكاتبة والهدية التي معه فلما رآه الملك الشامخ وقرأ المكاتبة ونظر اسم أنس الوجود بكى بكاءً شديداً وقال للوزير المرسل إليه : وأين أنس الوجود فإنه ذهب ولا نعلم مكانه فأتني به وأنا أعطيك أضعاف ما جئت به من الهدية ، ثم بكى وأنّ واشتكى وافاض العبرات وأنشد هذه الأبيات:
ردوا علي حـبـيبـي  * * *        
 لا حاجة لي بـمـال
ولا أريد هــــدايا * * *            
من جواهـر ولآلـي
 قد كان عنـدي بـدراً * * *         
سما بأفـق جـمـال
 وفاق حسناً ومعـنـى   * * *      
 ولم يقـس بـغـزال
 وقـد غـصـن بـان  * * *         
 أثـمـاره مـن دلال
وليس في الغصن طبع * * *       
يسبي عقول الرجـال
ربيبه وهـو طـفـل * * *           
على مهـاد الـدلال
وإنـنـي لـحــزين  * * *           
عليه مشغول البـال
ثن التفت إلى الوزير الذي جاء بالهدية والرسالة وقال له : اذهب إلى سيدك وأخبره أن أنس الوجود مضى عام وهو غائب وسيده لم يدر أين ذهب ولا يعرف له خبر فقال له الوزير: يا مولاي إن سيدي قال لي إن لم تأتني به تكن معزولاً عن الوزارة ولا تدخل مدينتي فكيف أذهب إليه بغيره فقال الملك الشامخ لوزيره ابراهيم : اذهب معه صحبة جماعة وفتشوا على أنس الوجود في سائر الأماكن فقال له : سمعاً وطاعة ثم أخذ من أتباعه واصطحب وزير الملك درباس وساروا في طلب أنس الوجود . فكانوا كلما مروا بعرب أو قوم يسألونهم عن أنس الوجود فيقولون لهم : هل مر بكم شخص اسمه كذا وصفته كذا وكذا ؟ فيقولون : لا نعلمه وما زالوا يسألون المدائن والقرى ويفتشون في السهول والأوعار والبراري والقفار حتى وصلوا إلى شاطئ البحر وطلعوا في مركب ونزلوا فيها وساروا بها حتى أقبلوا على جبل الثكلى . فقال وزير الملك درباس لوزير الملك الشامخ : لأي شيء سمي هذا الجبل بذلك الاسم ؟ فقال له : لأنه نزلت به جنية في قديم الزمان وكانت نلك الجنية من جن الصين وقد أحبت إنساناً ووقع له معه غرام وخافت على نفسها من أهلها فلما زاد بها الغرام فتشت في الأرض على مكان تخفيه فيه عن أهلها فوجدت هذا الجبل منقطعاً من الإنس والجن بحيث لا يهتدي إلى طريقه أحد من الإنس والجن فاختطفت محبوبها ووضعته فيه وصارت تذهب إلى أهلها وتأتيه في خفية ولم تزل على ذلك زمناً طويلاً حتى ولدت منه في ذلك الجبل أطفالاً متعددة وكان كل من يمر على هذا الجبل من التجار والمسافرين في البحر يسمع بكاء الأطفال كبكاء المرأة التي ثكلت أولادها أي فقدتهم فيقولون هل هنا ثكلى ؟!. فتعجب وزير الملك درباس من هذا الكلام ، ثم إنهم ساروا حتى وصلوا إلى القصر وطرقوا الباب فانفتح الباب فخرج لهم خادم فعرف ابراهيم وزير الملك الشامخ فقبل يده ثم دخل القصر فوجد في فسحته رجلاً فقيراً بين الخدامين وهو أنس الوجود فقال لهم : من أين هذا ؟ ! فقالوا له : إنه رجل تاجر غرق ماله ونجا بنفسه وهو مجذوب فتركه ، ثم مشى إلى داخل القصر فلم يجد لابنته أثراً فسأل الجواري التي هناك فقلن له : ما عرفنا كيف راحت ولا أقامت معنا سوى مدة يسيرة فسكب العبرات وأنشد هذه الأبيات:
 أيها الدار الـتـي أطـيارهـا  * * *         
 قد تغنت وازدهت أعتابـهـا
 فأتاها الصب ينعـي شـوقـه  * * *        
 ورآها فتـحـت أبـوابـهـا
 ليت شعري أين ضاعت مهجتي * * *     
عند دار قد نـأى أربـابـهـا
 كان فيها كل شـيء فـاخـر * * *          
واستطاعت واعتلى حجابـهـا
وكسوها حلل مـن سـنـدس * * *          
 يا ترى أين غدت أصحابـهـا
فلما فرغ من شعره بكى وأنّ واشتكى وقال : لا حيلة في قضاء الله ولا مفر مما قدره وقضاه ، ثم طلع إلى سطح القصر فوجد الثياب البعلبكية مربوطة في شراشف واصلة إلى الأرض فعرف أنها نزلت من ذلك المكان وراحت كالهائج الولهان والتفت فرأى هناك طيرين غراباً وبومة فتشاءم من ذلك وصعد الزفرات وأنشد هذه الأبيات:
 أتيت إلـى دار الأحـبة راجـياً  * * *            
بآثارهم اطفاء وجدي ولوعتـي
 فلم أجد الأحباب فيها ولـم أجـد * * *          
 بها غير مشؤمي غراب وبومة
وقال لسان الحال قد كنت ظالماً * * *          
وفرقت بين المغرمين الأحـبة
 فذق طعم ما ذاقوه من ألم الجوى  * * *       
 وعش كمداً ما بين دمع وحرقة
ثم نزل من فوق القصر وهو يبكي وقد أمر الخدام أن يخرجوا إلى الجبل ويفتشوا على سيدتهم ففعلا ذلك فلم يجدوها ، هذا ما كان من أمرهم ، وأما ما كان من أمر أنس الوجود فإنه لما تحقق أن الورد في الأكمام قد ذهبت صاح صيحة عظيمة ووقع مغشياً عليه واستمر في غشيته فظنوا أنه أخذته جذبة من الرحمن واستغرق في جمال هيبة الديان ولما يئسوا من وجود الورد في الاكمام واشتغل قلب الوزير ابراهيم بفقد ابنته الورد في الأكمام أراد وزير الملك درباس أن يتوجه إلى بلاده وإن لم يفز من سفره بمراده . فأخذ يودعه الوزير ابراهيم والد الورد في الأكمام فقال له وزير الملك درباس : إني أريد أن آخذ هذا الفقير معي عسى الله أن يعطف على الملك ببركته لأنه مجذوب ، ثم بعد ذلك أرسله إلى بلاد أصبهان لأنها قريبة من بلادنا ، فقال : افعل ما تريد ، ثم انصرف كل منهما متوجه إلى بلاده وقد أخذ وزير الملك درباس أنس الوجود معه وهو مغشي عليه وسار ثلاثة أيام وهو في غشيته محمولاً على البغال ولا يدري هل هو محمول أو لا، فلما أفاق من غشيته قال : في أي مكان أنا ؟ فقالوا له : أنت صحبة وزير الملك درباس ، ثم ذهبوا إلى الوزير وأخبروه أنه قد أفاق فأرسل إليه ماء الورد والسكر فيقوه وأنعشوه ولم يزالوا مسافرين حتى قربوا من مدينة الملك درباس فأرسل الملك إلى الوزير يقول له : إن لم يكن أنس الوجود معك فلا تأتي أبداً. فلما قرأ مرسوم الملك عسر عليه ذلك وكان الوزير لا يعلم أن الورد في الأكمام عند الملك ولا يعلم سبب إرسال الملك إياه إلى أنس الوجود  و بالمثل انس الوجود لا يعلم أن الوزير مرسل في طلبه والوزير لا يعلم أن هذا هو أنس الوجود فلما رأى الوزير أن أنس الوجود قد استفاق قال له : إن الملك أرسلني في حاجة وهي لم تقض ولما علم بقدومي أرسل إلي مكتوباً يقول لي فيه : إن لم تكن الحاجة قضيت فلا تدخل مدينتي ، فقال له : وما حاجة الملك ؟ فحكى له جميع الحكاية فقال له أنس الوجود : لا تخف واذهب إلى الملك وخذني معك وأنا أضمن مجيء أنس الوجود . ففرح الوزير بذلك وقال له : أحقا ما تقول ؟! فقال : نعم ، فركب وأخذه معه وسار به إلى الملك فلما وصلا إلى الملك قال له : أين أنس الوجود ؟ ! فقال له أنس الوجود : أيها الملك أنا أعرف مكان أنس الوجود فقربه الملك إليه وقال له : في أي مكان هو؟ ! قال : في مكان قريب جداً ولكن أخبرني ماذا تريد منه وأنا أحضره بين يديك فقال له : حباً وكرامة ولكن هذا الأمر يحتاج إلى خلوة ، ثم أمر الناس بالإنصراف ودخل معه خلوة وأخبره الملك بالقصة من أولها إلى آخرها فقال له أنس الوجود : ائتيني بثياب فاخرة وألبسني إياها وأنا آتيك بأنس الوجود سريعاً فأتاه ببدلة فاخرة فلبسها وقال : أنا أنس الوجود وكمد الحسود ، ثم رمى القلوب باللحظات وأنشد هذه الأبيات:
 يؤانسني ذكر الحبيب بـخـلـوتـي * * *         
 ويطرد عني في التباعد وحشـتـي
وما لي غير الدمع عـين وإنـمـا  * * *        
 إذا فاض من عيني يخفف زفرتي
 وشوقي شديد ليس يوجـد مـثـلـه * * *         
 وأمري عجيب في الهوى والمحبة
فأقطع ليلي ساهر الجفن لـم أنـم * * *          
 وفي العشق أسعى بين نـاروجـنة
وقد كان لي صبر جميل عدمـتـه * * *          
وما منحني في الحب إلا بمحنتـي
 وقد رق جسمي من أليم بعـادهـم  * * *         
وغيرت الأشواق وصفي وصورتي
  وأجفان عيني بالدموع تـقـرحـت * * *           
ولم أستطع أني أرجع دمـعـتـي
وقد قل حيلي والفـؤاد عـدمـتـه * * *            
وكم ذا لاقى لوعة بـعـد لـوعة
 وقلبي ورأسي بالمشيب تشـابـهـا * * *          
على سادة بالحسن أحسـن سـادة
على زعمهم كان التفرق بـينـنـا * * *          
 وما قصدهم إلا لقائي ووصلـتـي
فيا هل ترى بعد التقاطع والـنـوى  * * *       
 أيمنعني دهري بوصل أحـبـتـي
ويطوي كتاب البعد من بعد نشـره * * *         
وتمحى براحات الوصال مشقتـي
ويبقى حبيبي في الديار منـادمـي  * * *         
 وتبدل أحزاني بصفو سـريرتـي              
فلما فرغ من شعره قال له الملك : والله إنكما لمحبان صادقان وفي سماء الحسن كوكبان نيران وأمركما عجيب وشأنكما غريب ، ثم حكى له حكاية الورد في الأكمام إلى آخرها فقال له : وأين هي يا ملك الزمان ؟ ! قال : هي عندي الآن ، ثم أحضر الملك القاضي والشهود وعقد عقدها عليه وأكرمه وأحسن إليه ، ثم أرسل الملك درباس إلى الملك الشامخ وأخبره بجميع ما اتفق له من أمر أنس الوجود والورد في الأكمام ، ففرح الملك الشامخ بذلك غاية الفرح وأرسل إليه مكتوباً مضمونه حيث حصل عقد العقد عندك ينبغي أن يكون الفرح والدخول عندي . ثم جهز الجمال والخيل والرجال وأرسل في طلبهما ، فلما وصلت الرسالة إلى الملك درباس أمدهما بمال عظيم وأرسلهما مع جملة عسكره فساروا بهما حتى دخلوا مدينتهما وكان يوماً مشهوداً لم ير أعظم منه ، وجمع الملك الشامخ سائر المطربات من آلات المغاني وعمل الولائم ومكثوا على ذلك سبعة أيام ، وفي كل يوم يخلع الملك الشامخ على الناس الخلع السنية ويحسن إليهم ، ثم إن أنس الوجود دخل على الورد في الأكمام فعانقها وأخذا يبكيان من فرط الفرح والمسرات وأنشد هذه الأبيات:
جاء السرور أزال الهم والحزنـا * * *        
ثم اجتمعنا وأكمدنا حواسـدنـا
ونسمة الوصل قد هبت معطرة * * *         
فأحيت القلب والأحشاء والبدنـا
وبهجة الأنس قد لاحت مخلـقة * * *          
وفي الخوافق قد دقت بشائرنـا
 لا تحسبوا اننا باكون من حـزن * * *         
 لكن من فرح فاضت مدامعنـا
 فكم رأينا من الأهوال وانصرفت * * *        
 وقد صبرنا على من هيج الشجنا
 فساعة من وصال قد نسيت بها * * *         
ما كان من شدة الأهوال شيبنا
فلما فرغ من شعره تعانقا ولم يزالا متعانقين حتى وقعا مغشياً عليهما ، من لذة الإجتماع فلما أفاقا من غشيتهما أنشد أنس الوجود هذه الأبيات:
 ما أحلاهـا لـيلات الـوفـا * * *        
حيث أمسى لي حبيبي منصفا
وتوالى الوصل فيما بـينـنـا * * *      
 وانفصال الهجر عنا قد وفى
 وإلينا الدهر يسعى مـقـبـلاً  * * *      
بعد ما مال وعنا انحـرفـا
 نصب السعد لنـا أعـلامـه  * * *       
وشربنا منه كأساً قد صـفـا
واجتمعنا وتشاكـينـا الآسـى  * * *      
ولليلات تقضت بالـجـفـا
ونسينا ما مضى يا سـادتـي  * * *     
 وعفا الرحمن عما سـلـفـا
ما ألذ العـيش مـا أطـيبـه * * *       
لم يزدني الوصل إلا شغفـا
فلما فرغ من شعره تعانقا واضطجعا في خلوتهما ، ولم يزالا في منادمة وأشعار ولطف وحكايات وأخبار حتى غرقا في بحر الغرام ومضت عليهما سبعة أيام وهما لا يدريان ليلاً من نهار لفرط ما هما فيه من لذة وسرور وصفو وحبور، فكأن السبعة أيام يوم واحد ليس له ثاني، وما عرفا يوم الأسبوع إلا بمجيء آلات المغاني، فأكثرت الورد في الأكمام المتعجبات وأنشدت هذه الأبيات:
 ومن طيب الوصال فليس ندري * * *    
 بأوقات البعيد من الـقـريب
 ليالي سبعة مـرت عـلـينـا* * *            
ولم نشعر بها كم من عجـيب
 فهنوني بأسـبـوع وقـولـوا * * *          
 أدام الله وصلك بالـحـبـيب
فلما فرغت من شعرها قبلها أنس الوجود ما ينوف عن المئات ثم أنشد هذه الأبيات:
 أتى يوم السرور مع التهانـي  * * *    
  وجاء الحب من صدوفـانـي
 فآنسني بطيب الوصل مـنـه * * *        
ونادمني بألطاف المعـانـي
 فطربنا وانشرحنا واضطجعنـا * * *      
وصرنا في شراب مع أغاني
ومن فرط السرور فليس ندري * * *    
 من الأيام أولـهـا وثـانـي
ولا يدري لمر الصد طعـمـاً* * *        
وربي قد حباه بما حـبـانـي
فلما فرغ من شعره قاما وخرجا من مكانهما وأنعما على الناس بالمال والخلع وأعطيا ووهبا إلى أن أتاهم هازم اللذات ومفرق الجماعات، فسبحان من لا يحول ولا يزول وإليه كل الأمور تؤول.

النهـــايـــة

الى اللقاء في قصة جديدة لا تبخلوا بمتابعة المدونة والتعليق لتتحفونا بارائكم 

شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

السباق نحو العلا

2016