حكاية علي بن بكار مع شمس النهار الجزء السابع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا .. هيا بنا إلى القصة
استكمالا لكلام الجارية مع الجواهرجي. قالت الجارية : فنزلت إليهما وقد اندهشت من الفرح فلما تقدمت بين يديها أمرتني أن أدفع إلى الرجل الذي جاء بها ألف دينار، ثم حملتها أنا والوصيفتان إلى أن ألقيناها على فراشها فأقامت تلك الليلة على حالة مكدرة، فلما أصبح الصباح منعت الجواري والخدم من الدخول عليها والوصول إليها ذلك اليوم وفي ثاني يوم أفاقت مما كان بها، فوجدتها كأنها خرجت من مقبرة فرششت على وجهها ماء الورد وغيرت ثيابها وغسلت يديها ورجليها ولم أزل ألاطفها حتى أطعمتها شيئاً من الطعام وأسقيتها شيئاً من الأشربة وهي ليس لها قابلية في شيء من ذلك فلما شمت الهواء وتوجهت إليها العافية قلت لها: يا سيدتي أرفقي بنفسك فقد حصل لك من المشقة ما فيه الكفاية فإنك قد أشرفت على الهلاك فقالت: والله يا جارية الخير إن الموت عندي اهون مما جرى لي فإني كنت مقتولة لا محالة لأن اللصوص لما خرجوا بنا من دار الجواهرجي سألوني وقالوا: من أنت وما شأنك؟ فقلت: أنا جارية من المغنيات فصدقوني ثم سألوا علي بن بكار عن نفسه وقالوا: من أنت وما شأنك؟ فقال: أنا من عوام الناس فأخذونا وسرنا معهم إلى أن انتهوا بنا إلى موضعهم، ونحن نسرع في السير معهم من شدة الخوف.
فلما استقروا بنا في أماكنهم تأملوني ونظروا ما علي من الملبوس والعقود والجواهر فأنكروا أمري وقالوا: إن هذه العقود لا تكن لواحدة من المغنيات ثم قالوا: صدقينا وقولي لنا الحق وما قضيتك؟ فلم أرد عليهم جواباً بشيء وقلت في نفسي: الآن يقتلونني لأجل ما علي من الحلي والحلل فلم أنطق بكلمة ثم التفتوا إلى علي بن بكار وقالوا له: من أين أنت فإن رؤيتك غير رؤية العوام، فسكت وصرنا نكتم أمرنا ونبكي فحنن الله علينا قلوب اللصوص. فقالوا لنا: من صاحب الدار التي كنتما فيها؟ فقلنا لهم: صاحبها فلان الجواهرجي فقال واحد منهم: أنا أعرفه حق المعرفة وأعرف أنه ساكن في داره الثانية وعلي أن آتيكم به في هذه الساعة، واتفقوا على أن يجعلني في موضع وحدي وعلي بن بكار في موضع وحده وقالوا لنا: استريحا ولا تخافا أن ينكشف خبركما وأنتما في أمان منا ثم إن صاحبهما مضى إلى الجواهرجي وأتى به وكشف أمرنا لهم وأجمعنا عليه، ثم إن رجلاً منهم أحضر لنا زورقاً وأطلعونا فيه وعدوا بنا إلى الجانب الثاني ورمونا إلى البر وذهبوا فأتت خيالة من أصحاب العسس وقالوا: من تكونون؟ فتكلمت مع مقدم العسس وقلت له: أنا شمس النهار محظية الخليفة وقد سكرت وخرجت لبعض معارفي من نساء الوزراء فجاءني اللصوص وأخذوني وأوصلوني إلى هذا المكان، فما رأوكم فروا هاربين وأنا قادرة على مكافأتك. فلما سمع كلامي مقدم الخيالة عرفني ونزل عن مركوبه وأركبني وفعل كذلك مع علي بن بكار والجواهرجي وفي كبدي الآن من أجلهما لهيب النار لا سيما الجواهرجي رفيق ابن بكار فامض إليه وسلمي عليه واستفسري عن علي بن بكار فلمتها على ما وقع منها وحذرتها وقلت لها: يا سيدتي خافي على نفسك فصاحت علي وغضبت من كلامي. ثم قمت من عندها وجئت فلم أجدك وخشيت من الرواح إلى ابن بكار فصرت واقفة أترقبك حتى أسألك عنه وأعلم ما هو فيه فأسألك من فضلك أن تاخذ مني شيئاً من المال فإنك ربما استعرت أمتعة من أصحابك وضاعت عليك فتحتاج أن تعوض على الناس ما ذهب لهم من الأمتعة، قال الجواهرجي فقلت: سمعاً وطاعة ثم مشيت معها إلى أن أتينا إلى قرب محلي فقالت لي: قف هنا حتى أعود إليك.فمضت الجارية ثم عادت وهي حاملة المال فأعطته للجواهرجي وقالت له: يا سيدي أنجتمع بك في أي محل؟ قال الجواهرجي، فقلت لها: أتوجه إلى داري في هذه الساعة وأتحمل الصعوبة لأجل خاطرك واتدبر فيما يوصلك إليه فإنه يتعذر إليه في مثل هذا الوقت ثم ودعتني ومضت فحملت المال وأتيت به إلى منزلي وعددت المال فوجدته خمسة آلف دينار فأعطيت أهلي منه شيئاً ومن كان له عندي شيء أعطيته عوضاً منه، ثم إني أخذت غلماني وذهبت إلى الدار التي ضاعت منها الأمتعة وجئت بالنجارين والبنائين فأعادوها إلى ما كانت عليه، وجعلت جاريتي فيها ونسيت ما جرى لي ثم تمشيت إلى دار علي بن بكار، فلما وصلت إليها أقبل غلمانه علي وقال لي واحد منهم: إن غلمان سيدي في طلبك ليلاً ونهاراً وقد وعدهم أن كل من أتاه بك يعتقه فهم يفتشون عليك ولم يعرفوا لك موضعاً وقد رجعت إلى سيدي عافيته وهو تارة يفيق وتارة يستغرق، فلما يفيق يذكرك ويقول: لا بد أن تحضروه لحظة لي ويعود إلى حال سبيله قال الجواهرجي: فمضيت مع الغلام إلى سيده فوجدته لا يستطيع الكلام فلما رأيته جلست عند رأسه ففتح عينيه فلما رأني قال: اعلم أن لكل شيء نهاية، ونهاية الهوى الموت أو الوصال وأنا إلى الموت أقرب فيا ليتني مت من قبل الذي جرى ولولا أن الله لطف بنا لافتضحنا ولا أدري ما الذي يوصلني إلى الخلاص مما أنا فيه ولولا خوفي من الله تعالى لعجلت على نفسي بالهلاك واعلم يا أخي أنني كالطير في القفص وإن نفسي هالكة من الغصص ولكن لها وقت معلوم وأجل محتوم ثم أفاض دمع العين وأنشد هذين البيتين:
شكا ألم الفراق الناس قبلـي ... وروع بالنوى حي ومـيت
واما مثل ما ضمت ضلوعي ... فإني ما سمعـت ولا رأيت
فلما فرغ من شعره قال له الجواهرجي: يا سيدي اعلم أني عزمت على الذهاب إلى داري فلعل الجارية ترجع إلي بخبر، فقال علي بن بكار: لا بأس بذلك ولكن أسرع بالعودة عندنا لأجل أن تخبرني. قال الجواهرجي فودعته وانصرفت إلى داري فلم يستقر بي الجلوس حتى رأيت الجارية أقبلت وهي في بكاء ونحيب فقلت لها: ما سبب ذلك؟ فقالت يا سيدي اعلم أنه حل بنا ما حل من أمر نخافه فإني مضيت من عندك بالأمس، وجدت سيدتي مغتاظة على وصيفة من الوصيفتين اللتين كانتا معنا تلك الليلة وامرت بضربها فخافت من سيدتها وهربت فلاقاها بعض الموكلين بالباب، وأراد ردها إلى سيدتها فلوحت له بالكلام فلاطفها واستنطقها عن حالها فأخبرته بما كنا فيه فبلغ الخبر إلى الخليفة فأمر بنقل سيدتي شمس النهار وجميع ما لها إلى درجة الخلافة ووكل بها عشرين خادماً ولم أجتمع بها إلى الآن ولم أعلمها بالسبب وتوهمت أن بسبب ذلك فخشيت على نفسي واحترت يا سيدي ولم أدر كيف أحتال في أمري وأمرها ولم يكن عندها حفظ لكتمان السر مني، إلى اللقاء فموعدنا الجزء الثامن
لا تنسوا متالعتنا و الاشتراك بها ليصلكم كل جديد
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم