حكاية نعم و نعمة الله من قصص ألف ليلة وليلة ( الجزء الثالث و الأخير )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
سبق و ان بينا بأن الحاجب قابل العجوز وقال لها: ما هذه الجارية ؟ فقالت له العجوز: إن سيدتنا تريد شراءها ، فقال الخادم: ما يدخل أحد إلا بإذن أمير المؤمنين فارجعي بها فإني لا أخليها تدخل لأني أمرت بهذا ، فقالت له القهرمانة: أيها الحاجب الكبير أين عقلك إن نعماً جارية للخليفة الذي قلبه معلق بها قد توجهت إليها العافية وما صدق أمير المؤمنين بعافيتها وتريد شراء هذه الجارية فلا تمنعها من الدخول لئلا يبلغها أنك منعتها فتغضب عليك وإن غضبت عليك تسببت في قطع رأسك، ثم قالت: ادخلي يا جارية ولا تسمعي كلامه ولا تخبري سيدتك أن الحاجب منعك من الدخول فطأطأ نعمة رأسه ودخل القصر وأراد أن يمشي إلى جهة يمينه وأراد أن يعد الخمسة أبواب ويدخل السادس فعد ستة ودخل السابع ، فلما دخل ذلك الباب رأى موضعاً مفروشاً بالديباج وحيطانه عليها ستائر الحرير المرموقة بالذهب وفيه مباخر العود والعنبر والمسك والأذفر ورأى سريراً في الصدر مفروشاً بالديباج فجلس عليه نعمة ولم يعلم بما كتب له في الغيب ، فبينما هو جالس متفكر في أمره إذ دخلت عليه أخت أمير المؤمنين ومعها جاريتها فلما رأت الغلام جالساً ظنته جارية فقدمت إليه وقالت له: من تكوني يا جارية وما خبرك ؟ وما سبب دخولك في هذا المكان؟ فلم يتكلم نعمة ولم يرد عليها جواباً فقالت: يا جارية إن كنت من محاظي أخي وقد غضب عليك فأنا أستعطفه عليك ، فلم يرد نعمة عليها جواباً فعند ذلك قالت لجاريتها : قفي على باب المجلس ولا تدعي احداً يدخل. ثم تقدمت إليه ونظرت إلى جماله وقالت: يا صبية عرفيني من تكوني، وما اسمك وما سبب دخولك هنا فأنا لم أنظرك في قصرنا فلم يرد عليها جواباً، فعند ذلك غضبت أخت الخليفة وو وضعت يدها على صدر نعمة فلم تجد له نهوداً فأرادت أن تكشف ثيابه لتعلم خبره فقال لها نعمة : يا سيدتي أنا مملوك فاشتريني وأنا مستجير بك فأجيريني، فقالت له: لا بأس عليك فمن أنت ومن أدخلك مجلسي هذا ؟ فقال لها نعمة: أنا أيتها الملكة أدعى نعمة بن الربيع الكوفي وخاطرت بروحي لأجل جاريتي نعم التي احتال عليها الحجاج وأخذها وأرسلها إلى هنا ، فقالت له: لا بأس عليك ثم صاحت على جاريتها وقالت لها: امض إلى مقصورة نعم وقد كانت القهرمانة أتت إلى مقصورة نعم وقالت لها: هل وصل إليك سيدك؟ فقالت لا والله، فقالت القهرمانة: لعله غلط فدخل غير مقصورتك وتاه عن مكانك، فقالت نعم: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قد فرغ أجلنا وهلكنا وجلستا متفكرتان ، فبينما هما كذلك إذ دخلت عليهما جارية أخت الخليفة فسلمت على نعم ، وقالت لها: إن مولاتي تدعوك إلى ضيافتها ، فقالت سمعاً وطاعة، فقالت القهرمانة: لعل سيدك عند أخت الخليفة وقد انكشف الغطاء فنهضت نعم من وقتها وساعتها ودخلت على أخت الخليفة فقالت لها: هذا مولاك جالس عندي ، وكأنه غلط في المكان وليس عليك ولا عليه خوف إن شاء الله تعالى ، فلما سمعت نعم هذا الكلام من أخت الخليفة اطمأنت إلى نفسها وتقدمت إلى مولاها نعمة، فلما نظرها قام إليها ، وضم كل واحد منهما صاحبه إلى صدره ثم وقعا على الأرض مغشياً عليهما، فلما أفاقا، قالت لهما أخت الخليفة: اجلسا حتى نتدبر في الخلاص من الأمر الذي وقعنا فيه ، فقالا لها: سمعاً وطاعة والأمر لك فقالت: والله ما ينالكما سوء قط ثم قالت لجاريتها : أحضري الطعام والشراب، فأحضرت فأكلوا بحسب الكفاية ثم جلسوا يشربون فدارت الأقداح وزالت عنهم الأتراح فقال نعمة: ليت شعري بعد ذلك ما يكون، فقالت له أخت الخليفة: يا نعمة هل تحب نعماً جاريتك؟ فقال لها: يا سيدتي إن هواها هو الذي حملني على ما أنا فيه من المخاطرة بروحي، ثم قالت لنعم: يا نعم هل تحبين سيدك؟ قالت: يا سيدتي هواه هو الذي أذاب جسمي وغير حالي، فقالت والله أنكما متحابان فلا كان من يفرق بينكما فقرا عيناً وطيبا نفساً ففرحا بذلك وطلبت نعم عوداً فأحضروه لها فأخذته وأصلحته وأطربت بالنغمات وانشدت هذه الأبيات: شعر عن العشق
ولما أبى الواشون إلا فـراقـنـا ***
وليس لهم عندي وعندك من أثارِ.
وشنوا على أسماعنا كـل غـارة***
وقلت حماني عند ذاك وأنصاري.
وليس لهم عندي وعندك من أثارِ.
وشنوا على أسماعنا كـل غـارة***
وقلت حماني عند ذاك وأنصاري.
غزوتهم من مقلتـيك وأدمـعـي ***
ومن نفسي بالسيف والسيل والنار .
ومن نفسي بالسيف والسيل والنار .
ثم إن نعماً أعطت العود لسيدها وقالت له إن لنا شعراً، فأخذه وأصلحه وأطرب بالنغمات ثم أنشد هذه الأبيات:شعر عن العشق
البدر يحكـيك لـولا أنـه كـلـف ***
والشمس مثلك لولا الشمس تنكسف.
البدر يحكـيك لـولا أنـه كـلـف ***
والشمس مثلك لولا الشمس تنكسف.
إني عجبت وكم في الحب من عجب ***
فيه الهموم وفيه الوجد والكـلـف.
فيه الهموم وفيه الوجد والكـلـف.
أرى الطريق قريباً حين أسـلـكـه***
إلى الحبيب بعيداً حين أنـصـرف.
إلى الحبيب بعيداً حين أنـصـرف.
فلما فرغ من شعره ملأت له قدحاً وناولته إياه فأخذه وشربه ثم ملأت قدحاً آخر وناولته لأخت الخليفة فشربته وأخذت العود وأصلحته وشدت اوتاره وأنشدت هذين البيتين :- شعر عن العشق
غم وحزن في الفؤاد مـقـيم ***
وجودي تردد في حشاي عظيم .
غم وحزن في الفؤاد مـقـيم ***
وجودي تردد في حشاي عظيم .
ونحول جسمي قد تبدى ظاهراً ***
فالجسم مني بالغرام سـقـيم.
فالجسم مني بالغرام سـقـيم.
ثم ناولت العود لنعمة بن الربيع فأخذه وأصلح أوتاره وأنشد هذين البيتين:شعر عن العشق
يا من وهبت له روحي فعذبها ***
ورمت تخليصه منه فلم أطق.
ورمت تخليصه منه فلم أطق.
دارك محباً بما ينجيه من تلف ***
قبل الممات فهذا آخر الرمق .
قبل الممات فهذا آخر الرمق .
و لم يزالوا ينشدون الأشعار ويشربون على نغمات الأوتار وهم في لذة وحبور وفرح وسرور فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم أمير المؤمنين، فلما نظروه قاموا وقبلوا الأرض بين يديه فنظر إلى نعم والعود معها، فقال يا نعم الحمد لله الذي أذهب عنك اليأس والوجع ، ثم التفت إلى نعمة وهو عل تلك الحالة وقال: يا أختي من هذه الجارية التي في جانب نعم ؟ فقالت له أخته يا أمير المؤمنين إن هذه الجارية من المحاظي أنيسة لا تأكل نعم ولا تشرب إلا وهي معها، ثم أنشدت قول الشاعر: شعر عن العشق
ضدان واجتمعا افتراقا في البهاء**
والضد يظهر حسنه بالـضـد .
والضد يظهر حسنه بالـضـد .
فقال الخليفة: والله العظيم أنها مليحة وفي غد أخلي لها مجلساً بجانب مجلسها وأخرج لها الفرش والقماش وأنقل إليها جميع ما يصلح لها أكثر مما لنعم واستدعت أخت الخليفة بالطعام فقدمته لأخيها فأكل وجلس معهم في تلك الحضرة ثم ملأ قدحاً ، وأومأ إلى نعم بأن تنشد له الشعر فأخذت العود بعد أن شربت قدحين وأنشدت هذين البيتين: شعر عن الحب
إذا ما نديمي علني ثم علني ***
ثلاثة أقداح لهـن هـدير .
ثلاثة أقداح لهـن هـدير .
لأبيت أجر الذيل تيهاً كأني ***
عليك أمير المؤمنين أمير.
عليك أمير المؤمنين أمير.
فطرب أمير المؤمنين وملأ قدحاً آخر وناوله إلى نعم وأمرها أن تغني، فبعد أن شربت القدح حسنت الأوتار وأنشدت هذه الأشعار:- شعر في مدح السلطان
يا أشرف الناس في هذا الزمان وما ***
له مثيل بهذا الأمـر يفـتـخـر.
يا أشرف الناس في هذا الزمان وما ***
له مثيل بهذا الأمـر يفـتـخـر.
يا واحداً في العلا والجود منصبـه ***
يا سيداً ملكاً في الكل مـشـهـر.
يا سيداً ملكاً في الكل مـشـهـر.
يا مالكاً لملـوك الأرض قـاطـبة ***
تعطي الجزيل ولا من ولا ضجر .
تعطي الجزيل ولا من ولا ضجر .
أبقاك ربي على رغم العدا كـمـداً ***
وزان طالعك الإقبال والـظـفـر .
وزان طالعك الإقبال والـظـفـر .
فلما سمع الخليفة من نعم هذه الأبيات قال لها: لله درك يا نعم ما أفصح لسانك وأوضح بيانك، ولم يزالوا في فرح وسرور إلى نصف الليل، ثم قالت أخت الخليفة: اسمع يا أمير المؤمنين أنني رأيت حكاية في الكتب عن بعض أرباب المراتب قال الخليفة: وما تلك الحكاية فقالت له أخته: اعلم يا أمير المؤمنين أنه كان بمدين الكوفة صبي يسمى نعمة بن الريع وكان له جارية يحبها وكانت قد تربت معه في فراش واحد، فلما بلغا وتمكن حبهما من بعضهما رماهما الدهر بنكباته وجار عليهما الزمان بآفاته وحكم عليهما بالفراق وتحيلت عليها الوشاة حتى خرجت من داره وأخذوها سرقة من مكانه ثم إن سارقها باعها لبعض الملوك بعشرة آلاف دينار وكان عند الجارية لمولاها من المحبة مثل ما عنده لها ففارق أهله وداره وسافر في طلبها وتسبب باجتماعه بها ،ثم أن نعمة لم يزل مفارقاً لأهله ووطنه وخاطر بنفسه وبذل مهجته حتى توصل إلى اجتماعه بجاريته وكان يقال لها نعم، فلما اجتمع بها سراً لم يستقر بهما الجلوس حتى دخل عليهما الملك الذي كان اشتراها من الذي سرقها فعجل عليهما وامر بقتلهما ولم ينصف من نفسه ولم يمهل عليه في حكمه، فما تقول يا أمير المؤمنين في قلة إنصاف هذا الملك فقال أمير المؤمنين إن هذا شيء عجيب فكان ينبغي لذلك الملك العفة عند المقدرة لأنه يجب عليه أن يحفظ ثلاثة أشياء الأول أنهما متحابان والثاني أنهما في منزله وتحت قبضته والثالث أن الملك ينبغي له في الحكم بين الناس فكيف بالأمر الذي يتعلق به، فهذا الملك قد فعل فعلاً لا يشبه فعل الملوك، فقالت له أخته يا أخي بحق ملك السموات والأرض أن تأمر نعماً بالغناء وتسمع ما تغني به فقال: يا نعم غن لي فأطربت بالنغمات وأنشدت هذه الأبيات: شعر عن غدر الزمن
غدر الزمـان ولـم يزل غـداراً ***
يصمي القلوب ويورث الأفكار .
ويفرق الأحباب بعـد تـجـمـع***
فترى الدموع على الخدود غزارا .
يصمي القلوب ويورث الأفكار .
ويفرق الأحباب بعـد تـجـمـع***
فترى الدموع على الخدود غزارا .
كانوا وكنت وكان عيشي ناعمـاً***
والدهر يجمع شملنـا مـدرارا.
والدهر يجمع شملنـا مـدرارا.
فلأبكين دماً ودمعاً ساجماً ***
أسفاً عليك ليالياً ونهارا.
أسفاً عليك ليالياً ونهارا.
فلما سمع أمير المؤمنين هذا الشعر طرب طرباً عظيماً فقالت له أخته: يا أخي من حكم على نفسه بشيء ألزمه القيام به والعمل بقوله وأنت قد حكمت على نفسك هذا الحكم،، ثم قالت: يا نعمة قف على قدميك وكذا قفي أنت يا نعم فوقفا فقالت أخت الخليفة يا أمير المؤمنين: إن هذه الواقفة هي نعم المسروقة سرقها الحجاج بن يوسف الثقفي وأوصلها لك وكذب فيما ادعاه في كتابه من انه اشتراها بعشرة آلاف دينار وهذا الواقف هو نعمة بن الربيع سيدها وأنا أسألك بحرمة آبائك الطاهرين أن تعفو عنهما وتهبهما لبعضهما لتغنم بأجرهما فإنهما في قبضتك وقد أكلا من طعامك وشربا من شرابك وان الشافعة فيهما المستوهبة دمهما ، فعند ذلك قال الخليفة: صدقت أنا حكمت بذلك وما أحكم بشيء وأرجع فيه، ثم قال: يا نعم هل هذا مولاك؟ قالت له: نعم يا أمير المؤمنين فقال: لا بأس عليكما فقد وهبتكما لبعضكما، ثم قال: يا نعمة وكيف عرفت مكانها ومن وصف لك هذا المكان. فقال: يا أمير المؤمنين اسمع خبري وأنصت إلى حديثي فوحق آبائك الطاهرين لا أكتم عنك شيئاً، ثم حدثه بجميع ما كان من أمره وما فعله معه الحكيم العجمي وما فعلته القهرمانة وكيف دخلت به في الأبواب ، فتعجب الخليفة من ذلك غاية العجب ثم قال: علي بالعجمي فأحضروه بين يديه فجعله من جملة خواصه وخلع عليه خلعة وأمر له بجائزة سنية وقال من يكون هذا تدبيره يجب أن نجعله من خواصنا، ثم إن الخليفة أحسن على نعمة وأنعم على القهرمانة وقعدا عنده سبعة أيام في سرور وحظ وأرغد عيش، ثم طلب نعمة اإذن بالسفر هو وجاريته فأذن له بالسفر إلى الكوفة فسافر واجتمع بوالده ووالدته وأقاموا في أطيب عيش إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات
النهـــــايــــة
إلى اللقاء في قصة جديدة عبر مدونة ملاذ الحائرين هنا لا تبخلوا علينا بمتابعة المدونة و الاشتراك فيها ليصلكم كل جديد و التعليق لتزدان المدونة جمالا و إشراقا بمروركم
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم