حكاية الملك قمر الزمان ابن الملك شهرمان (الجزء الأول)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة السباق نحو العلا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...

حكاية الملك قمر الزمان ابن الملك شهرمان الجزء الأول

كان يا مكان في سالف العصر والزمان ملك يسمى شهرمان صاحب عسكر وخدم وأعوان إلا أنه كبر سنه ورق عظمه ولم يرزق بولد ، فحزن وقلق وشكا ذلك لبعض وزرائه وقال إني أخاف اذا مت ان يضيع الملك لأني ليس لي ولد فقال له ذلك الوزير لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فتوكل على الله أيها الملك وتوضأ وصل ركعتين ثم جامع زوجتك ونم معها لعلك تبلغ مطلوبك فجامع زوجته فحملت تلك الساعة ولما كملت أشهرها وضعت ولد ذكر كأنه البدر في الليل الحالك فسماه قمر الزمان فعاش في عز ودلال حتى صار له من العمر خمس عشر سنه وكان فائقا في الحسن والجمال وكان أبوه يحبه ولا يقدر أن يفارقه ليلا ولا نهارا فشكا الملك شهرمان لأحد وزرائه فرط محبته لولده وقال أيها الوزير إني خائف على ولدي قمر الزمان من طوارق الدهر والحدثان والابتلاء وأريد أن أزوجه في حياتي .فقال له الوزير اعلم أن الزواج من مكارم الأخلاق وتوكل على الله وزوج ابنك في حياتك ، فقال الملك أحضروا

لي ولدي قمر الزمان فحضر قمر الزمان ورأسه في الأرض حياء من أبيه فقال الملك اعلم يا قمر الزمان أني أريد أن أزوجك وأفرح بك في حياتي فقال قمر الزمان اعلم يا أبي أنني ليس لي في الزواج أرب ونفسي لا تميل إلى النساء لأني قرأت عن دهائهن و كيدهن في الكتب والروايات وقال الشاعر :-

فإن تسألوني بالنساء فإنني ..
خبير بأداء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله ..
فليس له في ودهن نصيب

يردن ثراء المرء حيث علمنه..
وشرخ الشباب عندهن عجيب

ورفض الأمير قمر الزمان موضوع الزواج فاغتم الملك غما شديدا على رفض ابنه قمر الزمان للزواج .
ولكن الملك شهرمان ظل يلاطف ابنه وهو مغتم لحاله وعدم زواجه وظل على هذا الحال سنة كامله ، فصار قمر الزمان كامل الفصاحة واللغة والملاحة جميل الأوصاف ينوب خده عن شقائق النعمان وقده عن غصن البان ظريف الشمائل كما قال الشاعر :-
بدا فقالوا تبارك الله ...
جل الذي صاغه وسواه
مليك كل الملاح قاطبة ..
فكلهم أصبحوا رعاياه
في ريقه شهدة مذوبة ..
وانعقد الدر في ثناياه
مكملا بالجمال منفردا ..
كل الورى في جماله تاهوا
قد كتب الحسن فوق وجنته ..
أشهد أن لا مليح إلا هو
وبعد عام رجع الملك شهرمان ليفتح موضوع الزواج مع ابنه قمر الزمان فقال له يا ولدي أريد أن أزوجك وأفرح بك في حياتي وأسلطنك في مملكتي قبل مماتي.
فقال له قمر الزمان انا أعلم أن الله فرض علي طاعتك وأنا احترم رأيك فلا تكلفني أمر الزواج ولا تظن أني أتزوج طول عمري لأني قرأت في كتب المتقدمين و المتأخرين وعرفت ما جرى لهم من المصائب و الآفات بسبب فتن النساء ومكرهن غير المتناهي وما يحدث عنهن من الدواهي وما أحسن قول الشاعر :-
ان النساء وإن ادعين العفة ...
رمم تقلبها النسور الحوم
في الليل عندك سرها و حديثها ..
وغدا لغيرك ساقها و المعصم
كالخان تسكنه وتصبح راحلا..
فيحل بعدك فيه من لا تعلم
فلما سمع الملك شهرمان من ولده قمر الزمان هذا الكلام وفهم الشعر لم يرد عليه الجواب من فرط محبته . وزاد في إنعام ابنه ، فاشتكى الملك شهرمان لوزيره من رفض ابنه قمر الزمان موضوع الزواج وطلب المشورة من الوزير فأشار الوزير بأن يمهله سنة أخرى على أن يفاتحه في موضوع الزواج في يوم حكومة أمام الأمراء و الوزراء و النواب و العساكر و أصحاب الصولة فإنه يستحي منهم وما يقدر أن يخالفك في حضرتهم .
فوافق الملك على مشورة الوزير وصبر على ابنه قمر الزمان سنة فكان قمر الزمان يزدان في كل يوم حسنا وجمالا وكمالا
حتى بلغ من العمر عشرين عام فزاد احمرار وجنتيه وسواد شعره وحيرالورى بياض غرته ومحاسنه كما قال فيه بعض الشعراء: -

قسما بوجنته و باسم ثغره ..

وبأسهم قد راشها من سـحـره

وبلين عطفيه ومرهف لحـظـه ...

وبياض غرته وأسود شـعـره

وبحاجب حجب الـكـرى عـن ..

صبه وسطا عليه بنهيه وبأمـره

وعقار قد أرسلت من صدغـه ...

وسمعت لقتل العاشقين بهجـره

وبـورد خـديه وآس عــذاره ...

وعقيق مبسمه ولؤلـؤ ثـغـره

وبطيب نكهتـه وسـال جـرى ...

في فيه يزري بالرحيق وعصره