حكاية الملك قمر الزمان ابن الملك شهرمان (الجزء الحادي عشر)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ...
لما وضع قمر الزمان الخاتم في الورقة ناولها للخادم فأخذها ودخل بها إلى السيدة بدور فأخذتها من يد الخادم وفتحتها فوجدت خاتمها
بعينه ثم قرأت الورقة، فلما عرفت المقصود علمت أن معشوقها قمر الزمان وأنه هو الواقف خلف الستارة فطار عقلها من الفرح واتسع صدرها وانشرح، ومن فرط المسرات أنشدن هذه الأبيات: أروع ما قيل في فراق الاحباب
ولقد ندمت على تفرق شملنـا **
دهرأ وفاض الدمع من أجفاني .
ونذرت إن عاد الزمان يلمـنـا **
لا عدت أذكر فرقة بلسـانـي .
هجم السرور علي حتـى أنـه **
من فرط ما سرني أبكـانـي .
يا عين صار الدمـع سـجـية **
تبكين في فرح وفي أحـزان
فلما فرغت السيدة بدور من شعرها قامت من وقتها وصلبت رجليها في الحائط واتكأت بقوتها على الغل الحديد فقطعته من رقبتها وقطعت السلاسل وخرجت من خلف الستارة ورمت روحها على قمر الزمان وقبلته في فمه مثل زق الحمام وعانقته من شدة ما بها من الغرام وقالت له: يا سيدي هل هذا يقظة أو منام وقد من الله علينا بجمع شملنا، ثم حمدت الله وشكرته على جمع شملها بعد اليأس، فلما رآها الخادم على تلك الحالة ذهب يجري حتى وصل إلى الملك الغيور فقبل الأرض بين يديه وقال له: يا مولاي اعلم أن هذا المنجم أعلم المنجمين كلهم فإنه داوى ابنتك وهو واقف خلف الستارة ولم يدخل عليها، فقال الملك للخادم: أصحيح هذا الخبر؟ فقال الخادم يا سيدي قم وانظر كيف قطعت السلاسل وخرجت للمنجم تقبله وتعانقه، فعند ذلك قام الملك الغيور ودخل على ابنته فلما رأته نهضت قائمة وغطت رأسها وأنشدت هذين البيتين: أجمل شعر عن لقاء الحبيب .
لا أحب السواك من أجل أني **
إن ذكرت السواك قلت سواكا .
وأحب الأراك من أجل أنـي **
إن ذكرت الأراك قلت أراك.
ففرح أبوها بسلامتها وقبلها بين عينيها لأنه كان يحبها محبة عظيمة، وأقبل الملك الغيور على قمر الزمان وسأله عن حاله وقال له: من أي البلاد أنت؟ فأخبره قمر الزمان بشأنه وأعلمه أن والده الملك شهرمان، ثم إن قمر الزمان قص عليه القصة من أولها إلى آخرها وأخبره بجميع ما اتفق له مع السيدة بدور وكيف أخذ الخاتم من إصبعها وألبسها خاتمه فتعجب الملك الغيور من ذلك وقال: إن حكايتكما يجب أن تؤرخ في الكتب وتقرأ بعدكما جيلاً بعد جيل، ثم إن الملك الغيور أحضر القضاة والشهود من وقته وكتب كتاب السيدة بدور على قمر الزمان وأمر بتزيين المدينة سبعة أيام، ثم مدوا السماط والأطعمة وزينت المدينة وجميع العساكر وأقبلت البشائر ودخل قمر الزمان على السيدة بدور وفرح والدها بعافيتها وزواجها وحمد الله الذي رماها في حب شاب مليح من أبناء الملوك ثم جلوها عليه وكانا يشبهان بعضهما في الحسن والجمال والظرف والدلال ونام قمر الزمان عندها الليلة وبلغ أربه منها وتمتعت هي بحسنه وجماله وتعانقا إلى الصباح، وفي اليوم الثاني عمل الملك وليمة وجمع أهل الجزائر الجوانية والجزائر البرانية وقدم لهم الأسمطة وامتدت الموائد مدة شهر كامل، وبعد ذلك تفكر قمر الزمان أباه ورآه في المنام يقول له: يا ولدي أهكذا تفعل معي هذه الفعال وأنشده في المنام هذين البيتين:أروع ما قيل في فراق الاحباب
لقد راعني بدر الدجى بـصـدوده **
ووكل أجفاني برعي كـواكـبـه .
فيا كبدي مهلاً عـسـاه يعـود لـي **
ويا مهجتي صبراً على ما كواك به .
ثم إن قمر الزمان لما رأى والده في المنام يعاتبه أصبح حزيناً وأعلم زوجته بذلك ، فدخلت هي وإياه على والدها وأعلماه واستأذناه في السفر فقالت السيدة بدور: يا والدي لا أصبر على فراقه فقال لها والدها: سافري معه وأذن لها بالإقامة معه سنة كاملة وبعد السنة تجيء تزور والدها في كل عام مرة، فقبلت يد أبيها وكذلك قمر الزمان، ثم شرع الملك الغيور في تجهيز ابنته هي وزوجها وهيأ لهما الخيول والهجان وأخرج ابنته وحمل لهما البغال والهجان واخرج لهما ما يحتاجان إليه في السفر.
و في يوم المسير ودع الملك الغيور قمر الزمان وخلع عليه خلعة سنية من الذهب مرصعة بالجواهر وقدم له خزنة مال وأوصاه على ابنته، ثم خرج معهما إلى طرف الجزائر وبعد ذلك ودع قمر الزمان، ثم دخل على ابنته وهي في المحفة وصار يعانقها ويبكي وأنشد هذين البيتين: أروع ما قيل في فراق الاحباب
يا طالباً للفراق صبـرا **
فمنعة العاشق العنـاق .
مهلاً فطبع الزمان غدر **
وآخر العشرة الفراق .
ثم خرج من عند ابنته وأتى إلى زوجها قمر الزمان فصار يودعه ويقبله ثم فارقهما وعاد إلى جزائره بعسكره بعد أن أمرهما بالرحيل فسار قمر الزمان هو وزوجته السيدة بدور ومن معهم من الأتباع أول يوم والثاني والثالث والرابع ولم يزالوا مسافرين مدو شهر، ثم نزلوا في مرج واسع كثير الكلأ وضربوا خيامهم فيه وأكلوا وشربوا واستراحوا ونامت السيدة بدور فدخل عليها قمر الزمان فوجدها وفوق بدنها قميص مشمشي من الحرير يبين منه كل شيء وفوق رأسها كوفية من الحرير مرصعة بالجواهر وقد رفع الهواء قميصها فطلع فوق سرتها عند نهودها فبان بطنها أبيض من الثلج وكل عكسة من عكس طياته تسع اوقية من دهن البان فزاد بها محبة وهياماً وأنشد هذان البيتين: أجمل قصيدة في تحمل الام الحب و الغرام
لو قيل لي وزفير الحـر مـتـقـد **
والنار في القلب والأحشاء تضطرم .
أهم تريد وتهوى أن تشـاهـدهـم **
و شربة من زلال الماء قلت هم .
فحط قمر الزمان يده في تكة لباسها فجذبها وحلها لما اشتهاها خاطره فرأى فصاً أحمر مثل العندم مربوطاً على التكة وعليه أسماء منقوشة سطرين بكتابة لا تقرأ فتعجب قمر الزمان من ذلك الفص وقال في نفسه: لولا أن لهذا الفص أمر عظيم عندها ما ربطته على تكة لباسها وما خبأته في أعز مكان عندها حتى لا تفارقه، فماذا تصنع بهذا السر الذي هو فيه؟ ثم أخذه وخرج من الخيمة ليبصره في النور و صار يتأمل فيه وإذا بطائر انقض عليه وخطفه من يده وطار به وحط على الأرض، فخاف قمر الزمان على الفص وجرى خلف الطائر، وصار الطائر يجري على قدر جري قمر الزمان خلفه من واد إلى واد ومن تل إلى تل إلى أن دخل الليل وتغلس الظلام فنام الطائر على شجرة عالية فوقف قمر الزمان تحتها وصار باهتاً وقد ضعف من الجوع والتعب وظن أنه هالك، وأراد أن يرجع فما عرف الموضع الذي جاء منه. وهجم الظلام فقال: لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، ثم نام تحت الشجرة التي فوقها الطائر إلى الصباح ثم انتبه من نومه فوجد الطائر قد انتبه وطار من فوق الشجرة فمشى قمر الزمان خلفه وصار ذلك الطائر يطير قليلاً بقدر مشي قمر الزمان وقال: يا لله العجب أن هذا الطائر كان بالأمس يطير بقدر جريتي وفي هذا اليوم علم اني أصبحت تعباناً لا أقدر على الجري فصار يطير على قدر مشيتي، إن هذا عجيب، ولكن لا بد أن أتبع هذا الطائر فإما أن يقودني إلى حياتي أو مماتي، فأنا أتبعه أينما يتوجه لأنه على كل حال لا يقيم إلا في البلاد العمار ، ثم إن قمر الزمان جعل يمشي تحت الطائر والطائر يبيت في كل ليلة على شجرة ولم يزل متابعه مدة عشرة أيام وقمر الزمان يتقوت من نبات الأرض ويشرب من الأنهار. وبعد العشرة أيام أشرف على مدينة عامرة فمر الطائر في تلك المدينة مثل لمح البصر وغاب عن قمر الزمان وقال: الحمد لله الذي سلمني حتى وصلت إلى هذه المدينة، ثم جلس عند الماء وغسل يديه ورجليه ووجهه واستراح ساعة وتذكر ما كان فيه من الراحة، ونظر إلى ما هو فيه من الغربة والجوع والتعب، فأنشد يقول: أجمل قصيدة في تحمل الام الحب و الغرام
أخفيت ما ألقاه منه وقـد ظـهـر **
والنوم من عيني تبدل بالـسـهـر .
ناديت لما أوهنت قلبي الـفـكـر**
يا دهر لا تبقي علي ولاتذر
هامهجتي بين المشقة والخطـر.
لو كان سلطان المحبة منصفي **
ما كان نومي من عيوني قد نفـي .
يا سادتي رفقاً بـصـب مـدنـف **
وتعطفوا لعـزيز قـوم ذل فـي
شرع الهوى وغني قوم افتقـر
لج العواذل فيك ما طاوعتهم **
وسددت كل مسامعي وعصيتـهـم .
قالوا عشقت مهفهفاً فأجـبـتـهـم **
اخترته من بينهـم وتـركـتـهـم .
كفوا إذا وقع القضا عمي البصر.
ثم إن قمر الزمان لما فرغ من شعره واستراح دخل باب المدينة .
إلى اللقاء فموعدنا الجزء الثاني عشر.
رابط الجزء الثاني عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثالث عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الرابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الخامس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السادس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثامن عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء التاسع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء العشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الحادي والعشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثاني و العشرون و الاخير من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثالث عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الرابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الخامس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السادس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثامن عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء التاسع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء العشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الحادي والعشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثاني و العشرون و الاخير من حكاية قمر الزمان
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم