حكاية الملك قمر الزمان ابن الملك شهرمان( الجزء العاشر )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
فرح الملك شهرمان لعافية ابنه قمر الزمان و خلع الخلعة وتصدق وأطلق من في الحبوس ثم إن مرزوان قال لقمر الزمان: اعلم أنني ما جئت من عند السيدة بدور إلا لهذا الأمر وهو سبب سفري لأجل أن أخلصها مما هي فيه وما بقي لنا إلا الحيلة في رواحنا إليها لأن والدك لا يسمح لك
بالذهاب، ولازم أن تخرج إلى الصيد في البرية ومعك خرجاً ملآناً من المال، واركب جواداً من الخيل وخذ معك جنيباً وأنا الآخر مثلك، وقل لوالدك إني أريد أن أتفرج في البرية وأتصيد وأنظر في الفضاء وأبيت هناك ليلة واحدة فلا تشغل قلبك علي بشيء، ففرح قمر الزمان واستأذن والده في الخروج إلى الصيد وقال له الكلام الذي أوصاه به مرزوان فأذن له والده في الخروج إلى الصيد وقال له: لا تبت غير ليلة واحدة وفي غد تحضر فإنك تعلم أنه ما يطيب لي عيش إلا بك وإنني ما صدقت أنك خلصت مما كنت فيه، ثم إن الملك شهرمان أنشد هذين البيتين: شعر عن الحب لحظة الوداع
ولو أنني أصبحت في كل نعـمة **
وكانت لي الدنيا وملك الأكاسـرة .
لما وازنت عندي جناح بعـوضة **
وإذا لم تكن عيني لشخصك ناظرة .
ثم إن الملك جهز ولده قمر الزمان هو و مرزوان وأمر أن يهيأ لهما ستة من الخيل وهجين برسم المال، وجمل يحمل الماء والزاد ومنع قمر الزمان أن يخرج معه أحد في خدمته فودعه أبوه وضمه إلى صدره وقال له: سألتك بالله لا تغيب عني إلا ليلة واحدة وحرام علي المنام فيها وأنشد: شعر عن الام الفراق
وصالك عندي ألذ نـعـيم **
وصبري عنك أضر ألـيم .
فديتك إن كان ذنب الهـوى **
إليك فذنبي أجل عـظـيم .
أعندك مثلي نار الـجـوى **
فأصلى بذاك عذاب الجحيم .
ثم خرج قمر الزمان ومرزوان وركبا فرسين ومعهما الهجين والجمل عليه الماء والزاد واستقبلا البر، و سارا أول يوم إلى المساء ثم نزلا وأكلا وشربا وأطعما دوابهما واستراحا ساعة ثم ركبا وما زالا سائرين مدة ثلاثة أيام وفي رابع يوم بان لهما مكان متسع فيه غاب فنزلا فيه ثم أخذ مرزوان جملاً وفرساً وذبحهما وقطع لحمهما قطعاً ونحر عظمهما وأخذ من قمر الزمان قميصه ولباسه وقطعهما ولونهما بدم الفرس وأخذ ملوطة قمر الزمان ومزقها ولوثها بالدم ورماها في مفرق الطريق ثم أكلا وشربا وسافرا فسأله قمر الزمان عما فعله فقال مرزوان: اعلم أن والدك الملك شهرمان إذا غبت عنه ليلة ولم تحضر ثاني ليلة يركب ويسافر في أثرنا إلى أن يصل إلى هذا الدم الذي فعلته ويرى قماشك مقطعاً وعليه الدم فيظن في نفسه أنه جرى لك شيء من قطاع الطريق أو وحش البر فينقطع رجاؤه منك ويرجع إلى المدينة ونبلغ بهذه الحيلة ما نريد، فقال قمر الزمان: نعم ما فعلت ثم سارا أياماً وليالي وكل ذلك وقمر الزمان باكي العين إلى أن استبشر بقرب الديار أنشد هذه الأشعار: شعر عتاب الحبيب
أتجفو محباً مـا سـلا عـنـك سـاعة **
وتزهد فيه بعد مـا كـنـت راغـبـا .
حرمت الرضا إن كنت خنتك في الهوى **
وعوقبت بالهجران إن كنـت كـاذبـا .
وما كان لي ذنب فاستوجب الـجـفـا **
وإن كان لي ذنب فقـد جـئت تـائبـا .
ومن عـجـب الأيام أنـك هـاجـري **
وما زالت الأنام تبـدي الـعـجـائبـا .
فلما فرغ من شعره بانت له جزائر الملك الغيور ففرح قمر الزمان و شكر مرزوان على فعله ، ثم دخلا المدينة و نزلا في خان و استراحا ثلاثة أيام ثم لبس قمر الزمان ثياب التجار وعمل له مرزوان تخت رمل من ذهب وعمل له عدة وعمل له اصطرلاباً من الذهب ثم قال له مرزوان: قم يا مولاي وقف تحت قصر الملك وناد: أنا الحاسب الكاتب المنجم فأين الطالب؟ فإن الملك إذا سمعك يرسل خلفك ويدخل بك على ابنته محبوبتك وهي حين تراك يزول ما بها من الجنون ويفرح أبوها بسلامتها ويزوجها بك ويقاسمك في ملكه لأنه شرط على نفسه هذا الشرط، فقبل قمر الزمان ما أشار به مرزوان وخرج من الخان وهو لابس البدلة وأخذ معه العدة التي ذكرناها ومشى إلى أن وقف تحت قصر الملك الغيور ونادى: أنا الكاتب الحاسب المنجم أكتب الكتاب وأحكم الحجاب وأحسب الحساب بأقلام المطالب فأين الطالب؟ فلما سمع أهل المدينة هذا الكلام وكانوا مدة من الزمان ما رأوا حاسباً ولا مترجماً وقفوا حوله وتأملوه فتعجبوا من حسن صورته ورونق شبابه وقالوا له: بالله عليك يا مولانا لا تفعل بنفسك هذه الفعال طمعاً في زواج بنت الملك الغيور وانظر بعينيك إلى هذه الرؤوس المعلقة فإن أصحابهم كلهم قتلوا من أجل هذا الحال فآل بهم الطمع إلى الوبال، فلم يلتفت قمر الزمان إلى كلامهم بل رفع صوته ونادى: أنا كاتب حاسب أقرب المطالب للطالب فتداخل عليه الناس و نهته فلم يسمع كلامهم فاغتاظوا جميعاً وقالوا له: ما أنت إلا شاب مكابر أحمق، ارحم شبابك وصغر سنك وحسنك وجمالك، فصاح قمر الزمان وقال: أنا المنجم والحاسب فهل من طالب؟ فبينما الناس تنهى قمر الزمان عن هذه الحالة إذ سمع الملك الغيور الصياح وضجة الناس فقال للوزير: انزل فائتنا بذا المنجم، فنزل الوزير وأخذ قمر الزمان فلما دخل على الملك قبل الأرض بين يديه وأنشد هذين البيتين: اجمل الاشعار في التحية و السلام.
ثمانية في المجد خرت جميعهـا **
فلا زال خداماً بهن لك الدهـر
يقينك والتقوى ومجدك والـنـدى**
ولفظك والمعنى وعزك والنصر .
فلما نظر الملك الغيور إليه أجلسه إلى جانبه وأقبل عليه وقال له: يا ولدي لا تجعل نفسك منجماً ولا تدخل على شرطي فإني ألزمت نفسي أن كل من دخل على بنتي ولم يبرئها مما أصاب بها ضربت عنقه وكل من أبرأها زوجته لها فلا يغرك حسنك وجمالك وقدك واعتدالك والله والله إن لم تبرئها لأضربن عنقك، فقال قمر الزمان: قبلت منك هذا الشرط فأشهد عليه الملك الغيور القضاة وسلمه إلى الخدم وقال له: أوصل هذا إلى السيدة بدور فأخذه الخادم من يده ومشى به إلى الدهليز فصار قمر الزمان يسابقه وصار الخادم يقول له: ويلك لا تستعجل على هلاك نفسك فوالله ما رأيت منجماً يستعجل على هلاك نفسه إلا أنت ولكنك لم تعرف أي شيء قدامك على الدواهي فأعرض قمر الزمان بوجهه عن الخادم و أنشد هذه الأبيات: اجمل الاشعار في الوصف الجميل للحبيب
أنا عارف بصفات حسنك جاهل **
متحير لـم أدر مـا أنـا قـائل .
إن قلت شمساً كأن حسنك لم يغب **
عني وعهدي بالشموس أوافـل .
كملت محاسنك التي في وصفها **
عجز البليغ وحار فيه الـقـائل .
ثم إن الخادم أوقف قمر الزمان خلف الستارة التي على الباب فقال له قمر الزمان: أي الحالتين أحب إليك كوني أداوي سيدتك وأبرئها من هنا أو أدخل إليها وأبرئها من داخل الستارة؟ فتعجب الخادم من كلامه وقال له: إن أبرأتها من هنا كان ذلك زيادة في فضلك فعند ذلك جلس قمر الزمان خلف الستارة وأطلع الدواة والقلم وكتب في ورقة هذه الكلمات: من يروح به الجفاء فدواؤه الوفاء والبلاء لمن يئس من حياته وأيقن بحلول وفاته وما لقلبه الحزين من مسعف ولا معين وما لطرفه الساهر على الهم ناصر، فنهاره لهيب وليله تعذيب وقد انبرى جسمه من كثرة النحول ولم يأته من حبيبه رسول، ثم كتب هذه الأبيات: أروع شعر في عتاب الحبيب
كتبت ولي قلب بذكرك مـولـع **
وجفن قريح من دمـائي يدمـع .
وجسم كساه لاعج الشوق والأسى **
قميص نحول فهو فيه مضعضع .
شكوت الهوى لما أضر بي الهوى **
ولم يبق عندي للتصبر موضـع .
إليك فجودي وارحمي وتعطفـي **
فإن فؤادي بالهـوى يتـقـطـع .
ثم كتب تحت الشعر هذه السجعات: شفاء القلوب لقاء المحبوب، من جفاه حبيبه فالله طبيبه، من خان منكم ومنالاً نال ما يتمنى، ولا أظرف من المحب الوافي إلى الحبيب الجافي، ثم كتب في الإمضاء: من الهائم الولهان العاشق الحيران من أقلقه الشوق والغرام سير الوجد والهيام قمر الزمان ابن الملك شهرمان إلى فريدة الزمان ونخبة الحور الحسان السيدة بدور بنت الملك الغيور، اعلمي أنني في ليلي سهران وفي نهاري حيران زائد النحول والأسقام والعشق والغرام كثير الزفرات غزير العبرات أسير الهوى قتيل الجوى، غريم الغرام، نديم السقام، فأنا السهران الذي لا تهجع مقلته والميتم الذي لا تهجع مقلته والمتيم الذي لا ترفأ عبرته، فنار قلبي لا تطفأ ولهيب شوقي لا يخفى، ثم كتب في حاشية الكتاب هذا البيت المستطاب: الشعر الجميل للحبيب
سلام من خزائن لطف ربـي **
على من عندها روحي و قلبي .
ثم كتب أيضاً:
أرسلت خاتمك الذي أستبـدلـه **
يوم التواصل فارسلي لي خاتمي .
وكان قد وضع خاتم السيدة بدور في طي الكتاب ثم ناول الكتاب للخادم.
إلى اللقاء فموعدنا الجزء الحادي عشر
رابط الجزء الثاني عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثالث عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الرابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الخامس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السادس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثامن عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء التاسع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء العشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الحادي والعشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثاني و العشرون و الاخير من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثالث عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الرابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الخامس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السادس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثامن عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء التاسع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء العشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الحادي والعشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثاني و العشرون و الاخير من حكاية قمر الزمان
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم