حكاية ابراهيم الخواص و الفتاة النصرانية التي اسلمت
يحكى أن الشيخ إبراهيم الخواص رحمة الله عليه قال: طالبتني نفسي ، في وقت من الأوقات ، بالخروج إلى بلاد الكفار فكففتها ، فلم تكف وتكتف، وعملت على نفي هذا الخاطر فلم ينتف، فخرجت أخترق ديارها وأجول أقطارها والعناية تكتنفني والرعاية تحفني لا ألقى نصرانياً إلا غض ناظره عني وتباعد مني إلى أن أتيت مصراً من الأمصار فوجدت عند بابها جماعة من العبيد عليهم الأسلحة وبأيديهم الحديد ، فلما رأوني أتوا الي و قالوا لي: أطبيب أنت ؟ قلت: نعم فقالوا : أجب الملك ، واحتملوني إليه ، فإذا هو ملك عظيم ذو وجه وسيم. فلما دخلت عليه نظر إلي وقال: أطبيب أنت ؟ قلت: نعم فقال: احملوه إليها وعرفوه بالشرط قبل دخوله عليها فأخرجوني وقالوا لي: إن للملك ابنة قد أصابها إعلال شديد ، وقد أعيا الأطباء علاجها، وما من طبيب دخل عليها وعالجها ولم يفد طبه إلا قتله الملك ، فانظر ماذا ترى ؟ فقلت لهم: إن الملك سألني إليها فأدخلوني عليها فاحتملوني إلى بابها فلما وصلت قرعوه فإذا هي تنادي: من داخل الدار أدخلوها على الطبيب صاحب السر العجيب وأنشدت تقول: شعر للطبيب
افتحوا الباب فقد جاء الطبـيب * * *
وانظروا نحوي فلي سر عجيب
وانظروا نحوي فلي سر عجيب
فلكم مـقـتـرب مـبـتـعـد * * *
ولكم مبتـعـد وهـو قـريب
ولكم مبتـعـد وهـو قـريب
كنتم فيما بينـكـم فـي غـربة * * *
فأراد الحق أنسـي بـغـريب
فأراد الحق أنسـي بـغـريب
جمـعـتـنـا نـسـبة دينـية * * *
فترى أي مـحـب وحـبـيب
فترى أي مـحـب وحـبـيب
ودعاني للـتـلاقـي إذا دعـا * * *
حجب العاذل عنا والـرقـيب
حجب العاذل عنا والـرقـيب
فاتركوا عذلي وخلوا لومـكـم * * *
إنني يا ويحكم لـسـت أجـيب
إنني يا ويحكم لـسـت أجـيب
لست ألوي نحـو فـان غـائب * * *
إنما قصـدي بـاق لا يغـيب
إنما قصـدي بـاق لا يغـيب
قال: فإذا شيخ كبير قد فتح الباب بسرعة وقال: ادخل فدخلت فإذا بيت مبسوط بأنواع الرياحين وستر مضروب في زاويته ومن خلفه أنين ضعيف يخرج من هيكل نحيف فجلست بإزاء الستر وأردت أن أسلم فتذكرت قوله صلى الله عليه وسلم: لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه فأمسكت فنادت من داخل الستر: أين سلام التوحيد والإخلاص يا خواص؟ قال: فتعجبت من ذلك وقلت: من أين عرفتيني؟ فقالت: إذا صفت القلوب والخواطر أعربت الألسن عن مخبآت الضمائر وقد سألته البارحة أن يبعث إلي ولياً من أوليائه يكون لي على يديه الخلاص فنوديت من زوايا بيتي لا تحزني إنا سنرسل إليك إبراهيم الخواص. فقلت لها: ما خبرك؟ فقالت لي: أنا منذ أربع سنين قد لاح لي الحق المبين فهو المحدث والأنيس والمقرب والجليس. فرمقني قومي بالعيون وظنوا بي الظنون ونسبوني إلى الجنون فما دخل علي طبيب منهم إلا أوحشني ولا زائر إلا أدهشني فقلت: وما دليل ذلك على ما وصلت إليه، قالت: براهينه الواضحة وآياته اللائحة وإذا وضح لك السبيل شاهدت المدلول والدليل، قال: فبينما أنا أكلمها إذ جاء الشيخ الموكل بها وقال لها: ما فعل طبيبك؟ قالت: عرف العلة وأصاب الدواء.
فظهر لي منه البشر والسرور وقابلني بالبر والحبور، فسار إلى الملك وأخبره، فحضه الملك على إكرامي فبقيت اختلف إليها سبعة أيام فقالت: يا أباإسحق متى تكون الهجرة إلى دار الإسلام؟ فقلت: كيف يكون خروجك ومن يتجاسر عليه؟ فقالت: الذي أدخلك علي وساقك إلي فقلت: نعم ما قلت.
فلما كان الغد خرجنا على باب الحصن وحجب عنا العيون من أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، قال: فما رأيت أصبر منها على الصيام والقيام فجاورت بيت الله الحرام سبعة أعوام ثم قضت نحبها وكانت أرض مكة تربتها أنزل الله عليها الرحمات ورحم الله من قال هذه الأبيات:
ولما أتوني بالطبـيب وقـد بـدت * * *
دلائل من دم سفوح ومن سـقـم
دلائل من دم سفوح ومن سـقـم
نضا الثوب عن وجهي فلم ير تحته* * *
سوى نفس من غير روح ولا جسم
سوى نفس من غير روح ولا جسم
فقال لهـم ذا قـد تـعـذر بـرؤه * * *
وللحب سر ليس يدرك بالـوهـم
وللحب سر ليس يدرك بالـوهـم
فقالوا إذا لم يعلم الـنـاس مـابـه * * *
ولم يك تعريف بـحـد ولا رسـم
فكيف يكون الطب فيه مؤثـراً * * *
دعوني فإني لست أحكم بالوهم
الى اللقاء في قصة جديدة فلا تنسوا الاشتراك في المدونة لتزداد بكم جمالا
ولم يك تعريف بـحـد ولا رسـم
فكيف يكون الطب فيه مؤثـراً * * *
دعوني فإني لست أحكم بالوهم
الى اللقاء في قصة جديدة فلا تنسوا الاشتراك في المدونة لتزداد بكم جمالا
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم