random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

بدور بنت الجوهري مع جبير بن عمير الشيباني ( الجزء الثاني )

بدور بنت الجوهري مع جبير بن عمير الشيباني ( الجزء الثاني)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...

بدور بنت الجوهري مع جبير بن عمير الشيباني ( الجزء الثاني )


وقد وصفت لي بدور شاباً لم يكن في البصرة أحسن منه فقلت لها : يا سيدتي هل جرى بينكما مواصلة أو مراسلة ؟ قالت : نعم إلا أنه قد عشنا باللسان لا بالقلب والجنان لأنه لم يوف بوعد ولم يحافظ لي على عهد فقلت لها : يا سيدتي وما سبب الفراق بينكما قالت : سببه إني كنت يوماً جالسة وجاريتي هذه تسرح شعري فلما فرغت من تسريحه جدلت ذوائبي فأعجبها حسني وجمالي فطأطأت علي وقبلت خدي وكان في ذلك الوقت داخلاً على غفلة فرأى ذلك فلما رأى الجارية تقبل خدي ولى من وقته غضبان عازماً على دوام البين وأنشدت هذين البيتين:

 إذا كان لي فيمن أحب مشـارك  * * *              
تركت الذي أهوى وعشت وحيدا
فلا خير في المعشوق إن كان في الهوى   * * *      
لغير الذي يرضى الـمـحـب مـزيدا
ومن حين ولى معرضاً إلى الآن لم يأتنا من عنده كتاب ولا جواب يا ابن منصور فقلت لها : فما تريدين ؟ قالت : أريد أن أرسل إليه معك كتاباً فإن أتيتني بجوابه فلك عندي خمسمائة دينار وإن لم تأتني بجوابه فلك حق مشيك مائة دينار فقلت لها : افعلي ما بدا لك فقالت : سمعاً وطاعة ثم نادت بعض جواريها وقالت : آتيني بدواة وقرطاس فأتتها بدواة وقرطاس فكتبت هذه الأبيات :
حبيبي ما هذا التبـاعـد والـقـلا    * * *         
 فأين التغاضي بيننا والتـعـطـف

وما لك بالهجران عني معـرضـاً   * * *        
 فما وجهك الوجه الذي كنت أعرف
 نعم نقل الواشون عـنـي بـاطـلاً    * * *        
 فملت لما قالوا فزادوا وأسـرفـوا
فإن تك قد صدقتهم في حـديثـهـم   * * *        
 فحاشاك من هـذا ورأيك أعـرف
 بعيشك قل لي ما الذي قد سمعـت   * * *        
فإنك تدري ما يقال وتـنـصـف
 فإن كان قولاً صح أنـي قـلـتـه   * * *           
فللقول تأويل وللقـول مـصـرف
 وهب أنه قول من الـلـه مـنـزل  * * *          
 فقد بدل التوراة قـوم وحـرفـوا
 وبالزور قد قيل في الناس قبـلـنـا  * * *          
فها عند يعقـوب تـلـوم يوسـف
وها أنا والواشي وأنـت جـمـيعـاً * * *            
 يكون لنا يوم عـظـيم مـوقـف
ثم بعد ذلك ختمت الكتاب وناولتني إياه فأخذته ومضيت إلى دار جبير بن عمير الشيباني فوجدته في الصيد فجلست أنتظره فبينما أنا جالس وإذا به قد أقبل من الصيد فلما رأيته يا أمير المؤمنين على فرسه ذهل عقلي من حسنه وجماله فالتفت فرآني جالساً بباب داره فلما رآني نزل عن جواده وأتى إلى واعتنقني وسلم علي فخيل لي أني اعتنقت الدنيا وما فيها ثم دخل بي إلى داره وأجلسني على فراشه وأمر بتقديم المائدة فقدموا مائدة من الخولنج الخراساني وقوائمها من الذهب عليها جميع الأطعمة وأنواع اللحم من مقلي ومشوي وما أشبه ذلك ، فلما جلست على المائدة. قال : مد يدك إلى طعامنا واجبر خاطرنا بأكل زادنا فقلت له : والله ما آكل من طعامك لقمة واحدة حتى تقضي حاجتي قال : فما حاجتك ؟ فأخرجت إليه الكتاب فلما قرأه وفهم ما فيه مزقه ورماه في الأرض وقال لي : يا ابن منصور مهما كان ذلك من الحوائج قضيناه إلا هذه الحاجة التي تتعلق بصاحبة هذا الكتاب فإن كتابها ليس له عندنا جواب فقمت من عنده غضبان فتعلق بأذيالي وقال : يا ابن منصور أنا أخبرك بالذي قالته لك وإن لم أكن حاضراً معكما فقلت : ما الذي قالته ؟ قال : أما قالت لك صاحبة هذا الكتاب أن أتيتني بجوابه فلك عندي خمسمائة دينار وإن لم تأتني بجوابه فلك حق مشيتك مائة دينار قلت : نعم قال : اجلس عندي اليوم وكل واشرب وتلذذ واطرب وخذ لك خمسمائة دينار فجلست عنده وأكلت وشربت وتلذذت وطربت وسامرته ثم قلت  : يا سيدي ما في دارك سماع قال لي : إن لنا مدة نشرب من غير سماع ثم نادى بعض جواريه وقال : يا شجرة الدر فأجابته جارية من مقصورتها ومعها عود من صنع الهنود ملفوف في كيس من الإبريسم ثم جاءت وجلست ووضعته في حجرها وضربت عليه إحدى وعشرين طريقة ثم عادت إلى الطريقة الأولى وأطربت بالنغمات وأنشدت هذه الأبيات:
من لم يذق حلو الهوى مع مـره  * * *         
لم يدر وصل حبيبه من هجـره.
وكذاك من قد حاد عن سنن الهوى * * *      
 لم يدر سهل طريقه من وعـره.
مازلت معترضاً على أهل الهوى * * *         
حتى بليت بـحـلـوه وبـمـره.
شربت كأس مراره متـجـرعـاً * * *            
وخضعت فيه لعبـده ولـحـره.
 وكم ليلة بات الحبيب منـادمـي * * *           
ورشفت حلو رضابه من ثغـره.
ما كان أقصر عمر ليل وصالنـا  * * *          
قد جاء وقت عشائه مع فجـره.
نذر الزمان بأن يفرق شمـلـنـا  * * *           
والآن قد أوفى الزمان بـنـذره.
حكم الزمان فلا مرد لحـكـمـه * * *            
من ذا يعارض سيداً في أمـره.
فلما فرغت الجارية من شعرها صرخ بها سيدها صرخة عظيمة ووقع مغشياً عليه فقالت الجارية : لا آخذك الله يا شيخ ، إن لنا مدة نشرب بلا سماع مخافة على سيدنا من مثل هذه الصرعة ولكن اذهب إلى المقصورة ونم فيها فتوجهت إلى المقصورة التي أشارت إليها ونمت فيها إلى الصباح وإذا أنا بغلام أتاني ومعه كيس فيه خمسمائة دينار وقال : هذا الذي وعدك به سيدي ولكنك لا تعد إلى هذه الجارية التي أرسلتك وكأنك ما سمعت بهذا الخبر ولا سمعنا فقلت : سمعاً وطاعة. ثم أخذت الكيس ومضيت إلى حال سبيلي وقلت في نفسي : إن الجارية في انتظاري من أمس والله لا بد أن أرجع إليها وأخبرها بما جرى بيني وبينه لأنني إن لم أعد إليها فربما تشتمني وتشتم كل من طلع من بلادي فمضيت إليها فوجدتها واقفة فلما رأتني قالت : يا ابن منصور إنك ما قضيت لي حاجة ، فقلت لها : من أعلمك بهذا فقالت : يا ابن منصور إن معي مكاشفة أخرى وهو أنك لما ناولته الورقة مزقها ورماها وقال لك : يا ابن منصور مهما كان لك من الحوائج قضيناه لك إلا حاجة صاحبة هذه الورقة فإنها ليس لها عندي جواب فقمت أنت من عنده مغضباً فتعلق بأذيالك وقال : يا ابن منصور اجلس عندي اليوم فإنك ضيفي فكل واشرب وتلذذ واطرب ، وخذ لك خمسمائة دينار فجلست عنده وأكلت وشربت وتلذذت وطربت وسامرته وغنت الجارية بالصوت الفلاني والصوت الفلاني فوقع مغشياً عليه فقلت لها : هل أنت معنا فقالت لي : يا ابن منصور أما سمعت قول الشاعر:
قلوب العاشقين لها عيون  * * *      
ترى ما لا يراه الناظرون
ولكن يا ابن منصور ما تعاقب الليل والنهار على شيء إلا وغيراه. ثم رفعت طرفها إلى السماء ، وقالت: إلهي وسيدي ومولاي كما بليتني بمحبة جبير بن عمير أن تبليه بمحبتي وأن تنقل المحبة من قلبي إلى قلبه. ثم إنها أعطتني مائة دينار حق طريقي فأخذتها ومضيت إلى سلطان البصرة فوجدته قد جاء من الصيد فأخذت رسمي منه ورجعت إلى بغداد ، فلما أقبلت السنة الثانية توجهت إلى مدينة البصرة لأطلب رسمي على عادتي ودفع السلطان إلي رسمي ولما أردت الرجوع إلى بغداد تفكرت في نفسي أمر الجارية بدور وقلت : والله لا بد أن أذهب إليها وأنظر ما جرى بينها وبين صاحبها فجئت دارها فرأيت على بابه كنساً ورشاً وخدماً وحشماً وغلماناً فقلت لعل الجارية طفح الهم على قلبها فماتت ونزل في دارها أمير من الأمراء فتركتها ورجعت إلى دار جبير بن عمير الشيباني فوجدت مصاطبها قد هدمت ولم أجده على باب داره وجعلت أفيض العبرات وأندبه بهذه الأبيات:
 يا سادة رحلوا والقلب يتـبـعـهـم   * * *       
عودوا تعد لي اعيادي بـعـودكـم
وقفت في دراكم أنعي مساكنـكـم   * * *      
 والدمع يدفق والأجفان تلـتـطـم
 أسائل الـدار والأطـلال بـاكـية   * * *         
أين الذي كان منه الجود والنـعـم
 اقصد سبيلك فالأحباب قد رحـلـوا   * * *      
من الربوع وتحت الترب قد ردموا

شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

السباق نحو العلا

2016