حكاية الملك قمر الزمان ابن الملك شهرمان ( الجزء الثامن)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ... إلى القصة ... 😊...
لما استيقظت السيدة بدور من منامها جلست والتفتت يميناً وشمالاً فلم تر معشوقها الذي كان في حضنها فارتجف فؤادها وزال عقلها وصرخت صرخة عظيمة فاستيقظ جميع جواريها والدايات والقهرمانات ودخلن عليها فتقدمت إليها كبيرتهن وقالت لها: يا سيدتي ما
الذي أصابك؟ فقالت لها: أيتها العجوز النحس أين معشوقي الشاب الذي كان نائماً هذه الليلة في حضني فأخبريني أين راح؟ فلما سمعت منها القهرمانة هذا الكلام صار الضياء في وجهها ظلاماً وخافت من بأسها خوفاً عظيماً وقالت: يا سيدتي بدور أي شيء هذا الكلام القبيح؟ فقالت السيدة بدور: ويلك يا عجوز النحس أين معشوقي الشاب المليح صاحب الوجه المليح والعيون السود والحواجب المقرونة الذي كان بائتاً عندي من العشاء إلى قرب طلوع الفجر؟ فقالت: والله ما رأيت شاباً ولا غيره، فبالله يا سيدتي لا تمزحي هذا المزاح الخارج عن الحد فتروح أرواحنا وربما بلغ أباك هذا المزاح فمن يخلصنا من يده؟ فقالت الملكة بدور: إنه كان غلاماً بائتاً عندي في هذه الليلة وهو من أحسن الناس وجهاً، فقالت لها القهرمانة: سلامة عقلك ما كان أحد بائتاً عندك في هذه الليلة. فعند ذلك نظرت السيدة بدور إلى يدها فوجدت خاتم قمر الزمان في إصبعها ولم تجد خاتمها فقالت للقهرمانة: ويلك يا خائنة تكذبين علي وتقولين ما كان أحد بائتاً عندك وتحلفين بالله باطلاً، فقالت القهرمانة: والله ما كذبت عليك ولا حلفت باطلاً، فاغتاظت السيدة بدور وسحبت سيفاً كان عندها وضربت القهرمانة فقتلتها، فعند ذلك صاح الخدم والجواري والسراري عليها وراحوا إلى أبيها وأعلموه بحالها فأتى الملك إلى ابنته السيدة بدور من وقته وساعته وقال لها: يا بنتي ما خبرك؟ فقالت يا أبي أين الشاب الذي كان نائماً بجانبي في هذه الليلة؟ وطار عقلها من رأسها وصارت تلتفت بعينيها يميناً وشمالاً ثم شقت ثوبها إلى ذيلها، فلما رأى أبوها تلك الفعال أمر الجواري والخدم أن يمسكوها فقبضوا عليها وقيدوها وجعلوا في رقبتها سلسلة من حديد وربطوها في الشباك الذي في القصر. هذا ما كان من أمر الملكة بدور. و أما ما كان من أمر أبيها الملك الغيور فإنه لما رأى ما جرى من ابنته السيدة بدور ضاقت عليه الدنيا لأنه كان يحبها فلم يهن عليه أمرها، فعند ذلك أحضر المنجمين والحكماء وأصحاب الأقلام وقال لهم: من أبراً بنتي مما هي فيه زوجته بها وأعطيته نصف مملكتي ومن لم يبرئها ضربت عنقه ويعلق رأسه على باب القصر، ولم يزل يفعل ذلك إلى أن قطع من أجلها أربعين رأساً، فطلب سائر الحكماء فتوقفت جميع الناس عنها وعجز جميع الحكماء عن دوائها واشتكت قضيتها على أهل العلوم وأرباب الأقلام، ثم إن السيدة بدور لما زاد بها الوجد والغرام وأرباب الهيام أجرت العبرات وأنشدت هذه الأبيات: اجمل شعر الحب و الغرام
غرامي فيك يا قمري غريمي **
ذكرك في دجى ليلي نديمي
أتيت وأضلعي فيها لـهـيب**
يحاكي حره نار الجـحـيم
بليت بفرط وجد واحـتـراق**
عذابي منهما أضحى أليمي
فلما فرغت السيدة بدور من إنشاد هذه الأشعار بكت حتى مرضت جفونها وتذبلت وجناتها ثم إنها استمرت على هذا الحال ثلاث سنين وكان لها أخ من الرضاع يسمى مرزوان وكان سافر إلى أقصى البلاد وغاب عنها تلك المدة بطولها وكان يحبها محبة زائدة على محبة الأخوة فلما حضر دخل على والدته وسألها عن أخته السيدة بدور فقالت له: يا ولدي أختك حصل لها الجنون ومضى لها ثلاث سنين وفي رقبتها سلسلة من حديد وعجزت الأطباء عن دوائها، فلما سمع مرزوان هذا الكلام قال لها: لا بد من دخولي عليها لعلي أعرف ما بها وأقدر على دوائها، فلما سمعت كلامه قالت: لا بد من دخولك عليها ولكن اصبر إلى غد حتى أتحيل في أمرك ثم إن أمه ذهبت إلى قصر السيدة بدور واجتمعت بالخادم الموكل بالباب وأهدت له هدية وقالت له: إن لي بنتاً قد تربت مع السيدة بدور وقد زوجتها ولما جرى لسيدتك ما جرى صار قلبها متعلقاً بها وأرجو من فضلك أن بنتي تأتي عندها ساعة لتنظرها ثم ترجع من حيث جاءت ولا يعلم بها أحد، فقال الخادم:لا يمكن ذلك إلا في الليل فبعد أن يأتي السلطان ينظر ابنته ويخرج ادخلي أنت وابنتك، فقبلت العجوز يد الخادم وخرجت إلى بيتها. فلما جاء وقت العشاء من الليلة القابلة قامت من وقتها وساعتها وأخذت ولدها مرزوان وألبسته بدلة من ثياب النساء وجعلت يده في يدها وأدخلته القصر، وما زالت تمشي حتى أوصلته إلى الخادم بعد انصراف السلطان من عند ابنته فلما رآها الخادم قام واقفاً وقال لها: ادخلي ولا تطيلي القعود فلما دخلت العجوز بولدها مرزوان رأى السيدة بدور في تلك الحالة فسلموا عليها بعد أن كشفت عنه أمه ثياب النساء فأخرج مرزوان الكتب التي معه وأوقد شمعة فنظرت إليه السيدة بدور فعرفته وقالت له: يا أخي أنت سافرت وانقطعت أخبارك عنا فقال لها: صحيح ولكن ردني الله بالسلامة وأردت السفر ثانية فما ردني عنه إلا هذا الخبر الذي سمعته عنك فاحترق فؤادي عليك وجئت إليك لعلي أعرف داءك وأقدر على دوائك، فقالت له: يا أخي هل تحسب أن الذي اعتراني جنون، ثم أشارت إليه وأنشدت هذين البيتين: اجمل شعر الحب و الغرام
قالوا جننت بمن تهوي فقلت لهم ***
ما لذة العيش إلا للمـجـانـين
ثم جننت فهاتوا من جننـت بـه ***
إن كان يشفي جنوني لا تلومني
فعلم مرزوان أنها عاشقة فقال لها: أخبريني بقصتك وما اتفق لك لعل الله يطلعني على ما فيه خلاصك ، فقالت بدور : يا أخي اسمع قصتي وذلك أنني استيقظت من منامي ليلة في الثلث الأخير من الليل وجلست فرأيت بجانبي شاباً احسن ما يكون من الشبان يكل عن وصفه اللسان كأنه غصن بان أو قضيب خيزران فظننت أن أبي هو الذي أمره بهذا الأمر ليمتحنني به لأنه راودني عن الزواج لما خطبني منه الملوك فأبيت فهذا الظن هو الذي منعني من أن أنبهه وخشيت إني إذا عانقته ربما يخبر أبي بذلك فلما أصبحت رأيت بيدي خاتمه عوضاً عن خاتمي. فهذه حكايتي وأنا يا أخي قد تعلق قلبي به من حين رؤيته ومن كثرة عشقي والغرام لم أذق طعم المنام وما لي شغل غير بكائي بالدموع وإنشاد الأشعار بالليل والنهار ثم أفاضت العبرات وأنشدت هذه الأبيات: اجمل شعر الحب و الغرام
أبعد الحب لـذاتـي تـطـيب **
وذاك الظبي مرتعه القـلـوب
دم العشاق أهون مـا عـلـيه **
وفيه مهجة الظـنـى تـذوب
أغار عليه من نظري وفكـري**
فمن بعضي على بعضي رقيب
واجفان له ترمـي سـهـامـاً ***
فواتك في القلوب لنا تصـيب
فهل لي أن أراه قبل مـوتـي **
إذا ما كان في الدنيا نـصـيب
وأكتم السـر فـينـيم دمـعـي **
بما عندي ويعلمـه الـرقـيب
قريب وصلـه مـنـي بـعـيد ***
بعيد ذكره مني قريب
ثم إن السيدة بدور قالت لمرزوان: انظر يا أخي ما الذي تعمل معي في الذي اعتراني فأطرق مرزوان رأسه إلى الأرض ساعة وهو يتعجب وما يدري ما يفعل ثم رفع رأسه وقال لها: جميع ما جرى لك صحيح وإن حكاية هذا الشاب أعيت فكري ولكن أدور جميع البلاد وأفتش على دوائك لعل الله يجعله على يدي فاصبري ولا تقلقي ثم إن مرزوان ودعها ودعا لها بالثبات وخرج من عندها ثم إن مرزوان تمشى إلى بيت والدته فنام تلك الليلة ولما أصبح الصباح تجهز للسفر فسافر ولم يزل مسافراً من مدينة إلى مدينة ومن جزيرة إلى جزيرة مدة شهر كامل ثم دخل مدينة يقال لها الطيرب واستنشق الأخبار من الناس لعله يجد دواء للملكة بدور وكان كلما يدخل في مدينة أو يمر بها يسمع أن الملكة بدور بنت الملك الغيور قد حصل لها جنون ولم يزل يستنشق الأخبار حتى وصل إلى مدينة الطيرب فسمع إن قمر الزمان ابن الملك شهرمان مريض وأنه اعتراه وسواس وجنون ، فلما سمع مرزوان بخبره سأل بعض أهالي تلك المدينة عن بلاده ومحل تخته فقالوا له جزائر خالدات وبيننا وبينها مسيرة شهر كامل في البحر وأما في البر فستة أشهر، فنزل مرزوان في مركب إلى جزائر خالدات وكانت مركب مجهزة للسفر وطاب لها الريح مدة شهر فبانت لهم المدينة ولما أشرفوا عليها ولم يبق لهم إلا الوصول إلى الساحل خرجت عليهم ريح عاصف فرمى الراية ووقعت القلوع في البحرو انقلب المركب بجميع ما فيه.
إلى اللقاء فموعدنا الجزء التاسع ، فلا تنسوا متابعة المدونة ليصلكم كل جديد.
رابط الجزء الثاني عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثالث عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الرابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الخامس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السادس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثامن عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء التاسع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء العشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الحادي والعشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثاني و العشرون و الاخير من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثالث عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الرابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الخامس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السادس عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء السابع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثامن عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء التاسع عشر من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء العشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الحادي والعشرون من حكاية قمر الزمان
رابط الجزء الثاني و العشرون و الاخير من حكاية قمر الزمان
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم