السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متابعي مدونة ملاذ الحائرين هنا أهلا بكم وأسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير وسعادة ونتمنى لكم وقتا ممتعا و شيقا مع قصصنا في مدونتكم فحللتم أهلا ونزلتم سهلا ...
إلى القصة ... 😊...
1- حكاية هارون الرشيد مع بيت الشعر نظرت عيني لحيني ، و زكا وجدي لبيني
يحكى أن الخليفة هارون الرشيد كان يحب السيدة زبيدة محبة عظيمة وخصص لها مكاناً للتنزه ، وعمل لها سياجاً من الأشجار وأرسل إليها الماء من كل جانب ، فالتفت عليها الأشجار حتى لو دخل أحد يغتسل في تلك البحيرة لم يره أحد من كثرة أوراق الشجر، فاتفق أن السيدة زبيدة دخلت ذلك المكان يوماً ، وأتت إلى البحيرة. وتفرجت على حسنها وجمالها ، فأعجبها رونقها والتفاف الأشجار عليها ، وكان ذلك في يوم الحر ، فقلعت أثوابها ونزلت إلى البحيرة ووقفت ، وكانت البحيرة لا تستر من يقف فيها ، فجعلت تملأ بإبريق من عين وتصب على بدنها ، فعلم الخليفة بذلك فنزل من قصره يتجسس عليها من خلف أوراق الأشجار ، فرآها عريانة وقد بان منها ما كان مستور، فلما أحست بأمير المؤمنين خلف أوراق الأشجار وعرفت أنه رآها عريانة ، التفتت إليه ونظرته ، فاستحيت منه ، ووضعت يدها على فرجها ففاض من بين يديها لفرط كبره وغلظه ، فولى من ساعته ، وهو يتعجب من ذلك ، وينشد هذا البيت:
نظرت عيني لحيني * * * و زكا وجدي لبيني
ولم يدر بعد ذلك ما يقول ، فأرسل خلف أبي نواس يحضره ، فلما حضر بين يديه قال له الخليفة : أنشدني شعراً في أوله:
نظرت عيني لحيني * * * و زكا وجدي لبيني
فقال أبو نواس : سمعاً وطاعة ، وارتجل في أقرب اللحظات ، وأنشد هذه الأبيات:
نظرت عيني لحيني * * * و زكا وجدي لبينـي
من غزال قد سباني * * * تحت ظل الدرتـين
سكب الماء عـلـيه * * * بأباريق اللـجـين
نظرتني سـتـرتـه * * * فاض من بين اليدين
ليتني كنت عـلـيه * * * ساعة أو ساعتـين
فتبسم أمير المؤمنين من كلامه وأحسن إليه وانصرف من عنده مسروراً.
..........................................................................................................................................................
حكاية أحمد بن هارون الرشيد الأمير الزاهد
يحكى أن أمير المؤمنين هارون الرشيد كان له ولد قد بلغ من العمر ستة عشرة عاماً ، وكان معرض عن الدنيا وسالكاً طريقة الزهاد والعباد فكان يخرج لإلى المقابر و يقول : قد كنتم تملكون الدنيا ، فما ذلكم بمنجيكم وقد صرتم إلى قبوركم ، فيا ليت شعري ما قلتم وما قيل لكم ، ويبكي بكاء الخائف الوجل ، وينشد قول القائل:
تروعني الجنائز في كل وقت * * *
ويحزنني بكاء النـائحـات
تروعني الجنائز في كل وقت * * *
ويحزنني بكاء النـائحـات
فاتفق أن أباه مر عليه في بعض الأيام وهو في موكبه ، وحوله وزرائه وكبراء دولته وأهل مملكته ، فرأوا ولد أمير المؤمنين وعلى جسده جبة من صوف ، وعلى رأسه مئزر من صوف، فقال بعضهم لبعض : لقد فضح هذا الولد أمير المؤمنين بين الملوك ، فلو عاتبه لرجع عما هو فيه ، فسمع أمير المؤمنين كلامهم ، فكلمه في ذلك وقال له : لقد فضحتني بما أنت عليه ، فنظر إليه ولم يجبه. ثم نظر إلى طائر على شرفة من شرفات القصر ، فقال له : أيها الطائر ! بحق الذي خلقك أن تسقط على يدي ، فانقض الطائر على يد الغلام ، ثم قال له : ارجع إلى موضعك ، فرجع إلى موضعه ، ثم قال له : اسقط على يد أمير المؤمنين ، فأبى أن يسقط على يده ، فقال الغلام لأبيه : يا أمير المؤمنين أنت الذي فضحتني بين الأولياء بحبك الدنيا ، وقد عزمت على مفارقتك مفارقة لا أعود إليك بعدها إلا في الآخرة . ثم انحدر الى البصرة ، فكان يعمل في الطين وكان لا يعمل في اليوم إلا بدرهم ودانق ، فيتقوت بالدانق ويتصدق بالدرهم ، قال أبو عامر البصري وكان قد وقع في داري حائط ، فخرجت إلى موقف الفعلة لأنظر رجلاً يعمل لي فيه فوقعت عيني على شاب مليح ذي وجه صبيح ، فجئت إليه وسلمت عليه وقلت له : يا حبيبي أتريد الخدمة ؟ فقال: نعم فقلت: قم معي إلى بناء الحائط فقال لي : بشروط أشترطها عليك ، قلت: يا حبيبي ما هي ؟ قال: الأجرة درهم ودانق ، وإذا أذن المؤذن تتركني حتى أصلي مع الجماعة قلت له : نعم لك ذلك . ثم أخذته وذهبت به إلى المنزل ، فخدم خدمة لم أر مثلها، وذكرت له الغداء فقال: لا فعلمت أنه صائم فلما سمع الآذان قال لي: قد علمت الشرط فقلت: نعم فحل حزامه وتفرغ للوضوء وتوضأ وضوءاً لم أر أحسن منه. ثم خرج إلى الصلاة فصلى مع الجماعة ثم رجع إلى خدمته ، فلما أذن العصر توضأ وذهب إلى الصلاة ، ثم عاد إلى الخدمة فقلت له: يا حبيبي قد انتهى وقت الخدمة ، فإن خدمة الفعلة إلى العصر ، فقال: سبحان الله إنما خدمتي إلى الليل ولم يزل يخدم إلى الليل فأعطيته درهمين. فلما رآهما قال: ما هذا ؟ قلت: والله إن هذا بعض أجرتك لاجتهادك في خدمتي، فرمى بهما إلي وقال: لا أريد زيادة على ما كان بيني وبينك، فرغبته فلم أقدر عليه فأعطيته درهماً ودانقاً وسار، فلما أصبح الصباح بكرت إلى الموقف فلم أجده فسألت عنه فقيل لي : أنه لا يأتي ههنا إلا في يوم السبت فقط ، فلما كان يوم السبت الثاني ذهبت إلى ذلك المكان فوجدته فقلت له: باسم الله تفضل إلى الخدمة. فقال لي: على الشروط التي تعلمها ، قلت: نعم فذهبت به إلى داري ووقفت وهو لا يراني فأخذ كفاً من الطين ووضعه على الحائط ، فإذا الحجارة يتركب بعضها على بعض فقلت: هكذا أولياء الله فخدم يومه ذلك وزاد فيه على ما تقدم ، فلما كان الليل دفعت له أجرته ، فأخذها وسار فلما جاء يوم السبت الثالث أتيت إلى الموقف فلم أجده فسألت عنه فقيل لي: هو مريض راقد في خيمة فلانة وكانت تلك المرأة مشهورة بالصلاح ولها خيمة من قصب الجبانة ، فسرت إلى الخيمة ودخلتها فإذا هو مضطجع على الأرض ، وليس تحته شيء ، وقد وضع رأسه على لبنة ووجهه يتهلل نوراً فسلمت عليه فرد علي السلام ، فجلست عند رأسه أبكي على صغر سنه ، وغربته وتوفيقه لطاعة ربه. ثم قلت له: ألك حاجة ؟ قال: نعم ، قلت: و ما هي ؟ قال: إذا كان الغد تجيء إلي في وقت الضحى، فتجدني ميتاً ، فتغسلني وتحفر قبري ولا تعلم بذلك أحداً ، وتكفنني في هذه الجبة التي علي بعد أن تفتقها وتفتش جيبها وتخرج ما فيه وتحفظه عندك ، فإذا صليت علي وواريتني في التراب ، فاذهب إلى بغداد وارتقب الخليفة هارون الرشيد حتى يخرج ، وادفع له ما تجده في جيبي ، واقرئه مني السلام ،و قل له إياك أن تموت في سكرتك هذه، فتندم حيث لا ينفع نادمًا ندمه، واحذر انصرافك من بين يدي الله إلى الدارين، فإن ما أنت فيه لو دام لغيرك لم يصل إليك، وسيصير إلى غيرك، وقد بلغلك خبر من مضى، قال: هذا وفاضت روحه إلى خالقها ثم تشهد وأثنى على ربه بأبلغ الكلمات وأنشد هذه الأبيات:
بلغ أمانة من وافت مـنـيتـه * * *
إلى الرشيد فإن الأجر في ذاكا
بلغ أمانة من وافت مـنـيتـه * * *
إلى الرشيد فإن الأجر في ذاكا
وقل غريب له شوق لرؤيتكـم * * *
على تمادي الهوى والبعد لباكا
على تمادي الهوى والبعد لباكا
ما صده عنك لا بغض ولا ملل * * *
لأن قربته من لثم يمـنـاكـا
لأن قربته من لثم يمـنـاكـا
وإنما أبعدته عنـك يا أبـتـي * * *
نفس لها عفة عن نيل دنياكـا
نفس لها عفة عن نيل دنياكـا
ثم أن الغلام بعد ذلك اشتغل بالإستغفار ، والصلاة والسلام على سيد الأبرار وتلاوة بعض الآيات ، ثم أنشد هذه الأبيات:
يا والدي لا تغتر بتـنـعـم * * * فالعمرينفد والنـعـيم يزول
وإذا علمت بحال قوم ساءهم * * * فاعلم بأنك عنهمو مسـؤول
وإذا حملت إلى القبور جنازة * * * فاعلم بأنك بعدها محمـول
قال أبو عامر البصري: فلما فرغ الغلام من وصيته وإنشاده ، ذهبت عنه وتوجهت إلى بيتي فلما أصبح الصباح ذهبت إليه من الغد وقت الضحى فوجدته قد مات رحمة الله عليه، فغسلته وفتقت جبته فوجد في جيبه ياقوتة تساوي آلافاً من الدنانير ، فقلت في نفسي: والله إن هذا الفتى لقد زهد في الدنيا غاية الزهد ثم بعد أن دفنته توجهت إلى بغداد ووصلت إلى دار الخلافة وصرت أترقب خروج الرشيد إلى أن خرج ، فتعرضت له في بعض الطرق ودفعت إليه الياقوتة ، فلما رآها عرفها فخر مغشياً عليه ، فقبض علي الخدم فلما أفاق قال للخدم: أفرجوا عنه وأرسلوه برفق إلى القصر ، ففعلوا ما أمرهم به ، فلما دخل قصره طلبني وأدخلني محله وقال لي: ما فعل صاحب هذه الياقونة ؟ فقلت: قد مات ووصفت له حاله فجعل يبكي ويقول: انتفع الولد وخاب الوالد ثم نادى: يا فلانة فخرجت امرأة فلما رأتني أرادت أن ترجع فقال لها: تعالي وما عليك منه فدخلت وسلمت فرمى إليها الياقوتة فلما رأتها صرخت صرخة عظيمة ووقعت مغشياً عليها ، فلما أفاقت من غشيتها قالت: يا أمير المؤمنين ما فعل الله بولدي؟ فقال لي: أخبرها بشأنه وأخذته العبرة فأخبرتها بشأنه فجعلت تبكي وتقول بصوت ضعيف: ما أشوقني إلى لقائك يا قرة عيني ، ليتني كنت أسقيك إذا لم تجد من يسقيك ليتني كنت أؤانسك إذا لم تجد مؤانساً، ثم سكبت العبرات وأنشدت هذه الأبيات:
أبكي غريباً أتاه الموت منـفـرداً * * * لم يلق ألفاً له يشكو الذي وجـدا
من بعد عز وشمل كان مجتمعـاَ * * * أضحى فريداً وحيداً لا يرى أحدا
يبين للناس ما الأيام تـضـمـره * * * لم يترك الموت منا واحداً أبـدا
يا غائباً قد قضى ربي بغربـتـه * * * وصار منيبعد القرب مبتـعـدا
إن أيأس الموت من لقياك يا ولدي * * * فإننا نلتقي يوم الحـسـاب غـدا
فقلت: يا أمير المؤمنين أهو ولدك ؟ قال: نعم وقد كان قبل ولايتي هذا الابن يزور العلماء ويجالس الصالحين فلما وليت هذا الأمر نفر مني وباعد نفسه عني فقلت لأمه : إن هذا الولد منقطع إلى الله تعالى وربما تصيبه الشدائد ويكابد الإمتحان ، فادفعي إليه هذه الياقوتة ليجدها وقت الإحتياج إليها، فدفعتها إليه وعزمت عليه أن يمسكها فامتثل لأمرها وأخذها منها ثم ترك لنا دنيانا وغاب عنا ولم يزل غائباً عنا حتى لقي الله عز وجل تقياً نقياً ثم قال: قم فأرني قبره فخرجت معه وجعلت أسير إلى أن أريته إياه فجعل يبكي وينتحب حتى وقع مغشياً عليه ، فلما أفاق من غشيته استغفر الله وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون ودعا له بخير ثم سألني الصحبة فقلت له: يا أمير المؤمنين إن لي في ولدك أعظم العظات، ثم انشدت هذه الأبيات:
أنا الغريب فلا آوي إلـى أحـد * * *
أنا الغريب وإن أمسيت في بلدي
أنا الغريب فلا آوي إلـى أحـد * * *
أنا الغريب وإن أمسيت في بلدي
أنا الغريب فلا أهـل ولا ولـد * * *
وليس لي أحد يأوي إلـى أحـد
وليس لي أحد يأوي إلـى أحـد
إلى المساجد آوي بل وأعمرهـا * * *
فما يفارقها قلبي مـدى الأبـد
فما يفارقها قلبي مـدى الأبـد
فالحمد لله رب العالمين عـلـى * * *
أفضاله لبقاء الروح في الجسد
الى اللقاء في قصة جديدة فلا تبخلوا علينا بالاشتراك و المتابعة و التعليق لتزداد المدونة جمالا
أفضاله لبقاء الروح في الجسد
الى اللقاء في قصة جديدة فلا تبخلوا علينا بالاشتراك و المتابعة و التعليق لتزداد المدونة جمالا
شكرا لمروركم فقد ازدانت مدونتنا بمروركم إشراقا وجمالا
فلا تبخلوا علينا بالمتابعة و التعليق و مشاركة المقال ان اعجبكم